ويكي_مصدر arwikisource https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%AD%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8%A9 MediaWiki 1.39.0-wmf.26 first-letter ميديا خاص نقاش مستخدم نقاش المستخدم ويكي مصدر نقاش ويكي مصدر ملف نقاش الملف ميدياويكي نقاش ميدياويكي قالب نقاش القالب مساعدة نقاش المساعدة تصنيف نقاش التصنيف بوابة نقاش البوابة مؤلف نقاش المؤلف صفحة نقاش الصفحة فهرس نقاش الفهرس TimedText TimedText talk وحدة نقاش الوحدة إضافة نقاش الإضافة تعريف الإضافة نقاش تعريف الإضافة ويكي مصدر:رسائل 4 1664 407457 403228 2022-08-26T15:04:51Z 41.240.176.229 wikitext text/x-wiki #N/Aحسن إسماعيل أحمد الشعلة عسير ==رسائل فلسفية== * [[رسائل الفلسفية]] . == رسائل أدبية == * [[رسالة الغفران]] . [[تصنيف:أدب]] [[تصنيف:ويكي مصدر]] s140ccfrumwy6xx9n57o0oin2xxtoc7 أنشودة المطر 0 1906 407458 399438 2022-08-26T17:03:27Z Sajeda bani ahmad 60495 wikitext text/x-wiki {{ترويسة |عنوان = أنشودة المطر |مؤلف = بدر شاكر السياب |باب = |سابق = |تالي = |ملاحظات = }} {{مقطع صوتي | التعليق العلوي = تسجيل صوتي | ملف الصوت = ʿīnāk ġābtā(bdr šākr al-sīāb)beginning of poem.mp3 |تعليق سفلي = أول ثلاثة أبيات من أنشودة المطر}} : عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ، : أو شُرفتان راحَ ينأى عنهما القمرْ. : عيناكِ حين تَبسمانِ تورقُ الكروم. : وترقص الأضواء... كالأقمار في نهَرْ : يرجّه المجذاف وهناً ساعة السَّحَرْ : كأنما تنبض في غوريهما، النّجومْ... ---- : وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيفْ : كالبحر سرَّح اليدين فوقه المساءٍْ، : دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريفْ، : والموت، والميلاد، والظلام، والضياءْ؛ : فتستفيق ملء روحي، رعشة البكاءْ : ونشوةٌ وحشيّةٌ تعانق السماءْ : كنشوة الطفل إذا خاف من القمرْ! : كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ : وقطرة فقطرةً تذوب في المطرْ... : وكركر الأطفالُ في عرائش المكرومْ، : ودغدغت صمت العصافير على الشجرْ : أنشودةُ المطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : تثاءب المساء، والغيومُ ما تزالْ : تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثِقالْ. : كأنّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينامْ: : بأنّ أمّه ـ التي أفاق منذ عامْ : فلم يجدها، ثمّ حين لجّ في السؤالْ : قالوا له: (بعد غدٍ تعودْ .. ) : لابدّ أن تعودْ : وإنْ تهامس الرفاق أنها هناكْ : في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ : تسفّ من ترابها وتشرب المطرْ؛ : كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباكْ : ويلعن المياه والقَدَرْ : وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ. ---- : أتعلمين أيَّ حُزنٍ يبعث المطرْ؟ : وكيف تنشج المزاريب إذا انهمرْ؟ : وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياعْ؟ : بلا انتهاء ـ كالدَّم المراق، كالجياعْ، : كالحب، كالأطفال، كالموتى ـ هو المطرْ! : ومقلتاكِ بي تطيفان مع المطرْ : وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ : سواحلَ العراق بالنجوم والمحارْ، : كأنها تهمّ بالشروقْ : فيسحب الليل عليها من دمٍ دثارْ. : أصيح بالخليج: (يا خليجْ : يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والرّدى!) : فيرجعٍُ الصّدى : كأنه النشيجْ: : (يا خليج : يا واهب المحار والردى .. ) ---- : أكاد أسمع العراق يذْخُر الرعودْ : ويخزن البروق في السّهول والجبالْ، : حتى إذا ما فضَّ عنها ختمها لرّجالْ : لم تترك الرياح من ثمودْ : في الوادِ من أثرْ : أكاد أسمع النخيل يشربُ المطرْ : وأسمع القرى تئنّ، والمهاجرينْ : يصارعون بالمجاذيف وبالقلوعْ، : عواصف الخليج، والرعود، منشدينْ: : (مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : وفي العراق جوعْ : وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ : لتشبع الغربان والجَرادْ : وتطحن الشّوان والحجرْ : رحىً تدور في الحقول... حولها بشرْ : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : وكم ذرفنا ليلة الرحيل، من دموعْ : ثمّ اعتللنا ـ خوفَ أن نُلامَ ـ بالمطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : ومنذ أنْ كنّا صغاراً، كانت السماءْ : تغيمُ في الشتاءْ : ويهطل المطرْ، : وكلَّ عام ـ حين يعشب الثرى ـ نجوعْ : ما مرَّ عامٌ والعِراق ليس فيه جوعْ. : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : في كل قطرةٍ من المطرْ : حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ. : وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراةْ : وكلّ قطرةٍ تُراق من دم العبيدْ : فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسم جديدْ : أو حُلمةٌ تورَّدتْ على فمِ الوليدْ : في عالم الغد الفتيّ، واهب الحياةْ! : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : سيُعشبُ العراق بالمطرْ... ) ---- : أصيح بالخليج: (يا خليج .. : يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والردى!) : فيرجع الصدى : كأنّه النشيج: : (يا خليج : يا واهب المحار والردى.) : وينثر الخليج من هِباته الكثارْ، : على الرمال: رغوه الأُجاجَ، والمحارْ : وما تبقّى من عظام بائسٍ غريقْ : من المهاجرين ظلّ يشرب الردى : من لجَّة الخليج والقرارْ، : وفي العراق ألف أفعى تشرب الرَّحيقْ : من زهرة يربُّها الفرات بالنَّدى. : وأسمع الصدى : يرنّ في الخليجْ : (مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : في كلّ قطرةٍ من المطرْ : حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ. : وكلّ دمعة من الجياع والعراة : وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ : فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديدْ : أو حُلمةٌ تورَّدت على فمِ الوليدْ : في عالم الغد الفتيّ، واهب الحياة.) : ويهطل المطرْ... [[تصنيف:بدر شاكر السياب]] {{ويكيبيديا|أنشودة المطر}} 9gq7qfw7dfjjazou11gzb37j07a1ihe 407460 407458 2022-08-26T17:08:15Z Sajeda bani ahmad 60495 wikitext text/x-wiki {{ترويسة |عنوان = أنشودة المطر |مؤلف = بدر شاكر السياب |باب = |سابق = |تالي = |ملاحظات = }} {{مقطع صوتي | التعليق العلوي = تسجيل صوتي | ملف الصوت = ʿīnāk ġābtā(bdr šākr al-sīāb)beginning of poem.mp3 |تعليق سفلي = أول ثلاثة أبيات من أنشودة المطر. }} : عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ، : أو شُرفتان راحَ ينأى عنهما القمرْ. : عيناكِ حين تَبسمانِ تورقُ الكروم. : وترقص الأضواء... كالأقمار في نهَرْ : يرجّه المجذاف وهناً ساعة السَّحَرْ : كأنما تنبض في غوريهما، النّجومْ... ---- : وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيفْ : كالبحر سرَّح اليدين فوقه المساءٍْ، : دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريفْ، : والموت، والميلاد، والظلام، والضياءْ؛ : فتستفيق ملء روحي، رعشة البكاءْ : ونشوةٌ وحشيّةٌ تعانق السماءْ : كنشوة الطفل إذا خاف من القمرْ! : كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ : وقطرة فقطرةً تذوب في المطرْ... : وكركر الأطفالُ في عرائش المكرومْ، : ودغدغت صمت العصافير على الشجرْ : أنشودةُ المطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : تثاءب المساء، والغيومُ ما تزالْ : تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثِقالْ. : كأنّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينامْ: : بأنّ أمّه ـ التي أفاق منذ عامْ : فلم يجدها، ثمّ حين لجّ في السؤالْ : قالوا له: (بعد غدٍ تعودْ .. ) : لابدّ أن تعودْ : وإنْ تهامس الرفاق أنها هناكْ : في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ : تسفّ من ترابها وتشرب المطرْ؛ : كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباكْ : ويلعن المياه والقَدَرْ : وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ. ---- : أتعلمين أيَّ حُزنٍ يبعث المطرْ؟ : وكيف تنشج المزاريب إذا انهمرْ؟ : وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياعْ؟ : بلا انتهاء ـ كالدَّم المراق، كالجياعْ، : كالحب، كالأطفال، كالموتى ـ هو المطرْ! : ومقلتاكِ بي تطيفان مع المطرْ : وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ : سواحلَ العراق بالنجوم والمحارْ، : كأنها تهمّ بالشروقْ : فيسحب الليل عليها من دمٍ دثارْ. : أصيح بالخليج: (يا خليجْ : يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والرّدى!) : فيرجعٍُ الصّدى : كأنه النشيجْ: : (يا خليج : يا واهب المحار والردى .. ) ---- : أكاد أسمع العراق يذْخُر الرعودْ : ويخزن البروق في السّهول والجبالْ، : حتى إذا ما فضَّ عنها ختمها لرّجالْ : لم تترك الرياح من ثمودْ : في الوادِ من أثرْ : أكاد أسمع النخيل يشربُ المطرْ : وأسمع القرى تئنّ، والمهاجرينْ : يصارعون بالمجاذيف وبالقلوعْ، : عواصف الخليج، والرعود، منشدينْ: : (مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : وفي العراق جوعْ : وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ : لتشبع الغربان والجَرادْ : وتطحن الشّوان والحجرْ : رحىً تدور في الحقول... حولها بشرْ : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : وكم ذرفنا ليلة الرحيل، من دموعْ : ثمّ اعتللنا ـ خوفَ أن نُلامَ ـ بالمطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : ومنذ أنْ كنّا صغاراً، كانت السماءْ : تغيمُ في الشتاءْ : ويهطل المطرْ، : وكلَّ عام ـ حين يعشب الثرى ـ نجوعْ : ما مرَّ عامٌ والعِراق ليس فيه جوعْ. : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : في كل قطرةٍ من المطرْ : حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ. : وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراةْ : وكلّ قطرةٍ تُراق من دم العبيدْ : فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسم جديدْ : أو حُلمةٌ تورَّدتْ على فمِ الوليدْ : في عالم الغد الفتيّ، واهب الحياةْ! : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : سيُعشبُ العراق بالمطرْ... ) ---- : أصيح بالخليج: (يا خليج .. : يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والردى!) : فيرجع الصدى : كأنّه النشيج: : (يا خليج : يا واهب المحار والردى.) : وينثر الخليج من هِباته الكثارْ، : على الرمال: رغوه الأُجاجَ، والمحارْ : وما تبقّى من عظام بائسٍ غريقْ : من المهاجرين ظلّ يشرب الردى : من لجَّة الخليج والقرارْ، : وفي العراق ألف أفعى تشرب الرَّحيقْ : من زهرة يربُّها الفرات بالنَّدى. : وأسمع الصدى : يرنّ في الخليجْ : (مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : في كلّ قطرةٍ من المطرْ : حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ. : وكلّ دمعة من الجياع والعراة : وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ : فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديدْ : أو حُلمةٌ تورَّدت على فمِ الوليدْ : في عالم الغد الفتيّ، واهب الحياة.) : ويهطل المطرْ... [[تصنيف:بدر شاكر السياب]] {{ويكيبيديا|أنشودة المطر}} 1jncn63om5f1af8do2jw0pr4fxz54ql 407461 407460 2022-08-26T17:09:37Z Sajeda bani ahmad 60495 wikitext text/x-wiki {{ترويسة |عنوان = أنشودة المطر |مؤلف = بدر شاكر السياب |باب = |سابق = |تالي = |ملاحظات = }} {{مقطع صوتي | التعليق العلوي = تسجيل صوتي | ملف الصوت = ʿīnāk ġābtā(bdr šākr al-sīāb)beginning of poem.mp3 |تعليق سفلي = أنشودة المطر. }} : عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ، : أو شُرفتان راحَ ينأى عنهما القمرْ. : عيناكِ حين تَبسمانِ تورقُ الكروم. : وترقص الأضواء... كالأقمار في نهَرْ : يرجّه المجذاف وهناً ساعة السَّحَرْ : كأنما تنبض في غوريهما، النّجومْ... ---- : وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيفْ : كالبحر سرَّح اليدين فوقه المساءٍْ، : دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريفْ، : والموت، والميلاد، والظلام، والضياءْ؛ : فتستفيق ملء روحي، رعشة البكاءْ : ونشوةٌ وحشيّةٌ تعانق السماءْ : كنشوة الطفل إذا خاف من القمرْ! : كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ : وقطرة فقطرةً تذوب في المطرْ... : وكركر الأطفالُ في عرائش المكرومْ، : ودغدغت صمت العصافير على الشجرْ : أنشودةُ المطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : تثاءب المساء، والغيومُ ما تزالْ : تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثِقالْ. : كأنّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينامْ: : بأنّ أمّه ـ التي أفاق منذ عامْ : فلم يجدها، ثمّ حين لجّ في السؤالْ : قالوا له: (بعد غدٍ تعودْ .. ) : لابدّ أن تعودْ : وإنْ تهامس الرفاق أنها هناكْ : في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ : تسفّ من ترابها وتشرب المطرْ؛ : كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباكْ : ويلعن المياه والقَدَرْ : وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ. ---- : أتعلمين أيَّ حُزنٍ يبعث المطرْ؟ : وكيف تنشج المزاريب إذا انهمرْ؟ : وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياعْ؟ : بلا انتهاء ـ كالدَّم المراق، كالجياعْ، : كالحب، كالأطفال، كالموتى ـ هو المطرْ! : ومقلتاكِ بي تطيفان مع المطرْ : وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ : سواحلَ العراق بالنجوم والمحارْ، : كأنها تهمّ بالشروقْ : فيسحب الليل عليها من دمٍ دثارْ. : أصيح بالخليج: (يا خليجْ : يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والرّدى!) : فيرجعٍُ الصّدى : كأنه النشيجْ: : (يا خليج : يا واهب المحار والردى .. ) ---- : أكاد أسمع العراق يذْخُر الرعودْ : ويخزن البروق في السّهول والجبالْ، : حتى إذا ما فضَّ عنها ختمها لرّجالْ : لم تترك الرياح من ثمودْ : في الوادِ من أثرْ : أكاد أسمع النخيل يشربُ المطرْ : وأسمع القرى تئنّ، والمهاجرينْ : يصارعون بالمجاذيف وبالقلوعْ، : عواصف الخليج، والرعود، منشدينْ: : (مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : وفي العراق جوعْ : وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ : لتشبع الغربان والجَرادْ : وتطحن الشّوان والحجرْ : رحىً تدور في الحقول... حولها بشرْ : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : وكم ذرفنا ليلة الرحيل، من دموعْ : ثمّ اعتللنا ـ خوفَ أن نُلامَ ـ بالمطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : ومنذ أنْ كنّا صغاراً، كانت السماءْ : تغيمُ في الشتاءْ : ويهطل المطرْ، : وكلَّ عام ـ حين يعشب الثرى ـ نجوعْ : ما مرَّ عامٌ والعِراق ليس فيه جوعْ. : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : في كل قطرةٍ من المطرْ : حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ. : وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراةْ : وكلّ قطرةٍ تُراق من دم العبيدْ : فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسم جديدْ : أو حُلمةٌ تورَّدتْ على فمِ الوليدْ : في عالم الغد الفتيّ، واهب الحياةْ! : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : سيُعشبُ العراق بالمطرْ... ) ---- : أصيح بالخليج: (يا خليج .. : يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والردى!) : فيرجع الصدى : كأنّه النشيج: : (يا خليج : يا واهب المحار والردى.) : وينثر الخليج من هِباته الكثارْ، : على الرمال: رغوه الأُجاجَ، والمحارْ : وما تبقّى من عظام بائسٍ غريقْ : من المهاجرين ظلّ يشرب الردى : من لجَّة الخليج والقرارْ، : وفي العراق ألف أفعى تشرب الرَّحيقْ : من زهرة يربُّها الفرات بالنَّدى. : وأسمع الصدى : يرنّ في الخليجْ : (مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : في كلّ قطرةٍ من المطرْ : حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ. : وكلّ دمعة من الجياع والعراة : وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ : فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديدْ : أو حُلمةٌ تورَّدت على فمِ الوليدْ : في عالم الغد الفتيّ، واهب الحياة.) : ويهطل المطرْ... [[تصنيف:بدر شاكر السياب]] {{ويكيبيديا|أنشودة المطر}} kdpf4j5x90odxqv3hkcyybwbw70jfaf 407462 407461 2022-08-26T17:22:44Z Sajeda bani ahmad 60495 wikitext text/x-wiki {{ترويسة |عنوان = أنشودة المطر |مؤلف = بدر شاكر السياب |باب = |سابق = |تالي = |ملاحظات = }} {{مقطع صوتي | التعليق العلوي = تسجيل صوتي | ملف الصوت = ʿīnāk ġābtā(bdr šākr al-sīāb)beginning of poem.mp3 |تعليق سفلي = أول ثلاثة أبيات من القصيدة. }} : عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ، : أو شُرفتان راحَ ينأى عنهما القمرْ. : عيناكِ حين تَبسمانِ تورقُ الكروم. : وترقص الأضواء... كالأقمار في نهَرْ : يرجّه المجذاف وهناً ساعة السَّحَرْ : كأنما تنبض في غوريهما، النّجومْ... ---- : وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيفْ : كالبحر سرَّح اليدين فوقه المساءٍْ، : دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريفْ، : والموت، والميلاد، والظلام، والضياءْ؛ : فتستفيق ملء روحي، رعشة البكاءْ : ونشوةٌ وحشيّةٌ تعانق السماءْ : كنشوة الطفل إذا خاف من القمرْ! : كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ : وقطرة فقطرةً تذوب في المطرْ... : وكركر الأطفالُ في عرائش المكرومْ، : ودغدغت صمت العصافير على الشجرْ : أنشودةُ المطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : تثاءب المساء، والغيومُ ما تزالْ : تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثِقالْ. : كأنّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينامْ: : بأنّ أمّه ـ التي أفاق منذ عامْ : فلم يجدها، ثمّ حين لجّ في السؤالْ : قالوا له: (بعد غدٍ تعودْ .. ) : لابدّ أن تعودْ : وإنْ تهامس الرفاق أنها هناكْ : في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ : تسفّ من ترابها وتشرب المطرْ؛ : كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباكْ : ويلعن المياه والقَدَرْ : وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ. ---- : أتعلمين أيَّ حُزنٍ يبعث المطرْ؟ : وكيف تنشج المزاريب إذا انهمرْ؟ : وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياعْ؟ : بلا انتهاء ـ كالدَّم المراق، كالجياعْ، : كالحب، كالأطفال، كالموتى ـ هو المطرْ! : ومقلتاكِ بي تطيفان مع المطرْ : وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ : سواحلَ العراق بالنجوم والمحارْ، : كأنها تهمّ بالشروقْ : فيسحب الليل عليها من دمٍ دثارْ. : أصيح بالخليج: (يا خليجْ : يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والرّدى!) : فيرجعٍُ الصّدى : كأنه النشيجْ: : (يا خليج : يا واهب المحار والردى .. ) ---- : أكاد أسمع العراق يذْخُر الرعودْ : ويخزن البروق في السّهول والجبالْ، : حتى إذا ما فضَّ عنها ختمها لرّجالْ : لم تترك الرياح من ثمودْ : في الوادِ من أثرْ : أكاد أسمع النخيل يشربُ المطرْ : وأسمع القرى تئنّ، والمهاجرينْ : يصارعون بالمجاذيف وبالقلوعْ، : عواصف الخليج، والرعود، منشدينْ: : (مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : وفي العراق جوعْ : وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ : لتشبع الغربان والجَرادْ : وتطحن الشّوان والحجرْ : رحىً تدور في الحقول... حولها بشرْ : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : وكم ذرفنا ليلة الرحيل، من دموعْ : ثمّ اعتللنا ـ خوفَ أن نُلامَ ـ بالمطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : ومنذ أنْ كنّا صغاراً، كانت السماءْ : تغيمُ في الشتاءْ : ويهطل المطرْ، : وكلَّ عام ـ حين يعشب الثرى ـ نجوعْ : ما مرَّ عامٌ والعِراق ليس فيه جوعْ. : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : في كل قطرةٍ من المطرْ : حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ. : وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراةْ : وكلّ قطرةٍ تُراق من دم العبيدْ : فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسم جديدْ : أو حُلمةٌ تورَّدتْ على فمِ الوليدْ : في عالم الغد الفتيّ، واهب الحياةْ! : مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : سيُعشبُ العراق بالمطرْ... ) ---- : أصيح بالخليج: (يا خليج .. : يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والردى!) : فيرجع الصدى : كأنّه النشيج: : (يا خليج : يا واهب المحار والردى.) : وينثر الخليج من هِباته الكثارْ، : على الرمال: رغوه الأُجاجَ، والمحارْ : وما تبقّى من عظام بائسٍ غريقْ : من المهاجرين ظلّ يشرب الردى : من لجَّة الخليج والقرارْ، : وفي العراق ألف أفعى تشرب الرَّحيقْ : من زهرة يربُّها الفرات بالنَّدى. : وأسمع الصدى : يرنّ في الخليجْ : (مطرْ... : مطرْ... : مطرْ... : في كلّ قطرةٍ من المطرْ : حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ. : وكلّ دمعة من الجياع والعراة : وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ : فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديدْ : أو حُلمةٌ تورَّدت على فمِ الوليدْ : في عالم الغد الفتيّ، واهب الحياة.) : ويهطل المطرْ... [[تصنيف:بدر شاكر السياب]] {{ويكيبيديا|أنشودة المطر}} hjgz3hw81fz2pnierdi8fclv2ruzkbh زال 0 5907 407459 306843 2022-08-26T17:03:45Z 197.252.202.106 /* كتابة زال رسالة إلى سام و الإبانة عن حاله */ wikitext text/x-wiki == ولادة زال == قال كان سام بن نريمان بهلوان العالم فى عهد منوجهر. و كان يبتهل الى اللّه تعالى و يسأله أن يرزقه ولدا يكون قوّة لظهره، و قرة لعينه. و كانت له جارية فحملت منه. فلما أخبر بذلك شكر اللّه تعالى، و لم يزل يعدّ الليالى و الأيام، منتظرا طلوع صبح ما ارتجى، و حصول ما أراد و ابتغى. فولدت ولدا ذكرا كأنه القمر إضاءة غير أن شعره كان أبيض يشتعل شيبا كرءوس المشايخ الطاعنين فى الأسنان. فبشر سام بذلك. فلما رآه على تلك الهيئة استقبحه، و نفر عنه طبعه، و رفع رأسه الى السماء و جعل يدعو اللّه تعالى و يبتهل اليه، و يظن أنه لمعاصيه و ذنوبه ابتلاه اللّه فى ولده بتلك الهيئة القبيحة. و أمر به فأخرج إلى جبل ألبرز، و هو جبل عظيم من جبال الهند. و أصعد به الى ذلك الجبل، و ترك فى بعض شعفاته وحيدا. و كان على رأس الجبل معشش العنقاء. و كانت تطير فى طلب الرزق لأفراخها، فرأت ذلك الصبى فى مثل ذلك الموضع. فألقى اللّه تعالى فى قلبها محبة منه فجاءته و رفرفت بجناحها عليه، ثم حملته و حلقت به الى رأس الجبل، و وضعته بين أفراخها. فكانت تربيه مع أولادها حتى طالت عليه المدّة فى قلة ذلك الجبل، و ترعرع بين أفراخ العنقاء. و كانت القوافل تعبر تحت ذلك الجبل فوقعت أبصارهم على مولود إنسى بين أفراخ العنقاء فى شعفة الجبل == رؤيا سام حال ابنه == و رأى هو أيضا فى منامه ليلة كأن رسولا جاء على فرس كالبرق الخاطف فأعلمه أن ولده على بعض الجبال فانتبه و أحضر الحكماء و المعبرين و سألهم عن حال رؤياه. فعبروها على أن اللّه تعالى لما رأى جفاءك على ولدك حين أبعدته و نفيته و طرحته على بعض الجبال وحيدا فريدا تعطف برحمته عليه فرباه و وقاه، و هو حىّ يرزق. فتوجه الى الجبل و تضرع الى اللّه و تب اليه فانه يردّ عليك ولدك. ففعل ذلك و اقبل الى تلك الجبال يدور فى مخارمها و شعابها وحيدا. و يبكى و يتضرع الى اللّه و يسأله أن يرد عليه ابنه. قال: فألهم اللّه العنقاء أنه إنما يدور فى هذه المخارم و الشعاب لطلب ولده ذلك. فحلقت نحوه، و كانت سمته« دستان»، و قالت: ان أباك قد جاء. و هو يدور فى هذه الجبال محترق القلب، منسكب الدمع عليك. و قد ربيتك مثل أفراخى، و أنت أعز علىّ من روحى. و أرى لك أن أحملك بين جناحىّ الى أبيك. فانك ستصير ملكا من الملوك، و يعظم شأنك بين الخلق. و أنا أعطيك من جناحى ريشة. فاذا حزبك أمر مهم فأحرقها فإنى سأحضر للوقت و أقضى حاجتك. فحملته و حلقت به ثم رفرفرت حوالى سام، و وضعته بين يديه. فرأى شخصا قد أفرغ فى قالب الجمال، رشيق القدّ كالغصن المائل، صبيح الوجه كالبدر الكامل. فخر ساجدا للّه تعالى يعفر وجهه فى التراب، و يشكره على ما أكرمه به من ردّ ولده و قرة عينه عليه. و عاهد اللّه تعالى و أشهده على نفسه ألا يوحش بعد ذلك قلبه، و لا يضيق صدره. و أطلق لسانه بالثناء على العنقاء لحسن صنيعها مع ولده. ثم انحدر به من ذلك الجبل كالليث المشبل. و كساه قباء فكان ملأه رونقا و بهاء و عزا و سناء. فلما رأى العسكر ساما قد أسهل مع ابنه دستان رفعوا أصواتهم بالبشارات، و كاد الطرب يسلب عقولهم، و أقبلوا راجعين الى المدينة بالدبادب و البشائر. == اطلاع منوجهر على أمر سام و زال زر == فاستفاضت بذلك الأخبار حتى بلغ الخبر الى حضرة منوچهر. فأنفذ ابنه نوذَر الى سام للتهنئة بما يسر اللّه له من رجوع ولده اليه. و أمره بالركوب مع دستان الى الحضرة فى أسرع زمان، و أقرب أوان. فلما وصل نوذر الى سام خرج مبادرا و خيم بظاهر البلد فنجز أموره، و رتب أسبابه، و نهض مع دستان متوجها نحو الحضرة. فلم يزل يصل السير بالسرى حتى وصل الى مستقرّ سرير السلطنة. فخرج منوجهر لاستقباله فى مواكب جنوده، تحت أعلامه و بنوده. فلما رأى سام دِرَفْشه الميمون، و لواءه المنصور ترجل إجلالا، و قبل الأرض إعظاما و إكبارا. فأوسعه الملك برا و إلطافا، و أمره بالركوب. فسارا الى دار المملكة، و جلس على سرير الذهب، و أجلسه عن يمينه، و أجلس قارن عن يساره. و أمر الحاجب الكبير بإحضار دستان. فخرج و أخذ بيد دستان و أدخله على الملك مشدود الخصر بمنطقة مرصعة باليواقيت، معصوب الرأس بإكليل من الذهب، على كاهله جرز كقطعة من الجبل. و كأنه يحكى بذلك الرأس الأبيض و الوجه الأزهر، تحت إكليل الذهب الاحمر، صورة القمر بعد التسع و الخمس، متوّجا بعين الشمس. فملأ عين الملك بشكله و شمائله، و ما لاح فيه من أمارات العز و مخايله. ففرح بلقائه و شكر اللّه تعالى على ما رزقه من الاكتحال بوجهه، و الاستظهار به ليومه و غده، و قربه من بساطه و مسح عينه و وجهه بيده. ثم أقبل على سام و استخبره على أحواله و كيفية استنزاله من معشش العنقاء و شعفات تلك الجبال. فسرد لديه حكاية ن أوّل ميلاده الى يومه ذلك. == رجوع سام إلى زابلستان == فلما سمع الملك ذلك أمر بإحضار المنجمين و سايلهم عن طالع دستان و ما قدّر اللّه له من المقامات، و كتب على يده من الوقائع. فنظروا فى ذلك و تدبروا ثم جاءوا الى الملك مبشرين بسعادة طالعه، و يمن نقيبته. فسر الملك بذلك و أمر لهم بمال عظيم. ثم قال لسام: هذا وديعتى عندك، و هو علىّ أعز من إحدى عينى. و شرط عليه أن يعلمه بمكارم الأخلاق و آداب الملوك و مراسهم فى حالتى و الترحال، و السلم و القتال. ثم أمر له بخلعة راقت العيون و شرحت الصدور، من الدبابيج المنسوجة بالذهب و المرصعة بالجواهر الثمينة، بأطباق من اليواقيت و اللآلئ، و عدد من الخيول العتاق، و جماعة من روقة الغلمان الرشاق. و عقد له لواء عظيما، و وقع له بجميع ممالك الهند و السند و ما والاهما من الممالك. فتوجه الى تلك الولايات فى مواكب العز و الإِقبال ، و كواكب المجد و الجلال. == إعطاء سام الملك لزال == فاستقرّ بها على سرير الملك ينهى و يأمر حتى استنهضه الملك فى بعض المهمات السانحة، و هو استخلاص مملكة مازندران التى استولى عليها بعض العتاة المعاندين، و العداة المارقين. فدعا بابنه دستان و استنابه فى مملكته، و أمر أركان دولته و أعيان حضرته، بالتوفر على خدمته، و إقامة مراسم طاعته. و أمر الوزراء و النصحاء و من ندبهم لمنادمته و مجالسته من الكفاة الأذكياء، و العلماء الأتقياء، بتحريضه على مكارم السير، و تأديبه بمحاسن الشيم. ثم أذن له فى الطرد و الصيد متوجها حيثما أراد من أطراف المملكة. فودّعه و انحدر على مقتضى الامتثال الى أرض مازندران لما ندب له من استخلاص تلك الممالك و قتال من استولى عليها من المخالفين المعاندين. == قصة دستان و بنت مِهراب == === مجيء زال إلى مهراب الكابلي === قال فقعد دستان مقعد أبيه ينهى و يأمر، و يورد و يصدر. ثم إنه نهض متصيدا الى قرب أراضى كابل. و كان لتلك البلاد ملك يسمى مهراب. فلما سمع بقرب دستان منه ركب الى حضرته للخدمة، و استصحب من طرائف الجواهر و نفائس ما يليق أن يتحف به مثله من الملوك. فقبله دستان أحسن قبول، و قابله بأتم إحسان و إكرام. و كان مهراب ذا صورة عجيبة تستوقف الألحاظ و تستتبع الأحداق من شطاط قامة، و حسن وجه، و لين معطف، و أبهة جلالة، و طراوة منظر، و عذوبة منطق. فلما قام من حضرة دستان و خرج أقبل على أصحابه و ندمائه، و قال ما أحسن هذا الشاب. و إنه قد ملأ قلبى بمحاسنه و شمائله، و كأنه ما ولد قط مثله. فلم يزل يكرر هذا الكلام و نحوه حتى قال له بعض الندماء إن له وراء حجابه بنتا كالشمس الطالعة. و قد خلقت من طينة الجمال، و أفرغت فى قالب الكمال. بيضاء تسحب من قيام فرعها و تغيب فيه و هو و حف أسحم فكأنها فيه نهار ساطع و كأنه ليل عليها مظلم. فاستهام بها دستان، و شغفه حبها حتى ملك الغرام عنان قلبه، و استلبه زمان عقله. و جعل يتجلد و يخفى ما يجن و يضمر. فأبت لواعج همومه إلا الاشتغال، و سوابق عبراته إلا الانهمال. نعم و لما أصبح مهراب جاء الى باب سرادقه للخدمة. فبادر الحجاب و رفعوا دونه الحجب حتى دخل على دستان. فتهلل فى وجهه، و تلقاه بأريحيته، و لاطفه فى الكلام، و أمر برفع حوائجه، و وعده بإنجاح مطالبه، و إنجاز مآربه. فقال مهراب: إن حاجتى أن يتجشم الملك حضور منزلى لينوّره بإشراق طلعته مشرّفا عبده بذلك. فقال: أما هذا فلا سبيل اليه بدون أمر الملك سام. و اعتذر اليه، و خلع عليه. و ردّه الى داره على جملة تسر قلوب مواليه، و تسخن عيون أعاديه. === سؤال زوجة مهراب عن دستان و شمائله === فلما عاد مهراب الى داره سايلته زوجته عن دستان و صورته و شكله و حاله بمحضر من ابنته، و كانت تسمى روذابه فطفق مهراب يصفه و يذكر ما أعطاه اللّه من الصورة الجميلة و الشمائل المعسولة، و المنظر البهىّ ، و الرواء الأنيق. و قال: غير أن رأسه أبيض كالكافور، يرف شعره واردا على عارضيه كأوراق الأقحوان، على شقائق النعمان. فكأنه لا يصلح لحمرة وجهه، غير بياض شعره، و لا لبياض شعره غير حمرة خده. فجعلت روذابه تسمع ذلك بمجامع قلبها حتى أثرت لك الصفة فيها فتغير اصفر لونها. و ما أحسن ما قال بعض الحكماء: لا تصفوا محاسن الرجال، لربات الحجال. فانها تعلق بقلوبهن، و تأخذ من نفوسهن، و تفتح عليها مكامن الشيطان، فلا يكون للعقل بمقابلتها يدان. فعشقته روذابه، و حالفتها الأشجان حتى ملك الهوى عنان اختيارها، و فجعها بنومها و قرارها. === مشاورة روذابه جواريها === و لما عادت الى بيتها ضاقت ذرعا عن كتمان سرها. و كان لها خمس جوار يخدمنها و يحضنها مختصات بها. فأفضت اليهن بمكنون سرها، و مخزون أمرها. و أخبرتهن بما تقاسيه من لواعج الحزن، و لوافح الحب. فأنكرن ذلك عليها، و أطلقن ألسنتهن بالتوبيخ و التعنيف، و أخذن يخوّفنها سطوة مهراب، و يذكرون لها شدّة غيرته على الحرم. فخنقتها العبرات، و تصعدت من صدرها الزفرات. ثم أقبلت عليهن و قالت قد فنى منى الاصطبار، و خرج من يدى الاختيار. لم يبق لى الشوق لا صبرا و لا جلدا فليصبرن خلىُّ يملك الخَلدا فصارت لا تستأنس إلا بوصفه، و لا تستريح إلا الى ذكره. فلما أبصرن ذلك طفقن يعللن قلبها و يقلن: إنا سنتدبر فى شأنك و سنجمع بينه و بينك. === ذهاب جواري روذابه لرؤية زال زر === و كان معسكر دستان قريبا من قصرها. فلبسن وشائح الحلل، و تبرجن للألحاظ و المقل. و أخذت كل واحدة منهنّ على يدها طبقا من ذهب، و صرن الى بستان قريب منه على شط نهر، و جعلن يجتنين الورد و الياسمين و أنواع الرياحين، و ينضدن ما يجتنينه على الأطباق. و ذلك بمرأى من دستان. فأبصرهن من تحت السرادق و سايل عنهنّ . فقيل وصائف خرجن من قصر مهراب الى هذا البستان، يجتنين الورد و الريحان. فدعا بالقوس و النشاب و قام يتمشى بين تلك الرياض، و معه جماعة من صغار الغلمان الحصارية فلما قرب من الماء أزعج طيرا و رماه بنشابة فوقع الطير الى ذلك الجانب من الماء، بين أشجار الورد و الياسمين، عند الجوارى المذكورات. فأمر بعض الغلمان بالعبور الى ذلك الجانب و أخذ الطير. فلما عبر الغلام الى البستان سايلته إحداه عن الشاب. فقال الوصيف: هذا ابن ملك الهند، و هو كما ترين يروق العيون جمالا، و يملأ القلوب كمالا. و طالت مسارتهما. فضحكت الجارية و قالت للغلام: إن وراءنا فى الحجاب سيدة كالقمر ليلة التمام. و أخذت تصف صاحبتها له و هو يصغى الى ذلك. ثم رجع بالطير الى صاحبه فساءله عن الجارية و عما حاورته فيه. فسرد عليه ما جرى بينهما. فسر بذلك حتى تورّدت صفحات وجنته، و تهللت أساير جبهته. ثم رد الغلام الى الجارية و أمرها ألا تبرح من البستان إلا بإذن الملك. و دعا الخازن و أمره فأحضر قطعا من الجواهر النفيسة فأنفذها على يد ذلك الغلام الى الجارية، و أمرها أن تحملها الى صاحبتها، و بأن لا تبرح من مكانها حتى يحملها رسالة اليها. فقالت الجارية: إن كان للملك رسالة فلا يسمعنها غيرى. فان السر اذا جاوز اثنين لا يبقى مكتوما، و كان بالإذاعة قمينا. فتجشم الملك النهوض الى البستان، و خلا بتلك الجارية و باح اليها بمكنون سره، و أخبرها بما انطوى عليه قلبه من حب صاحبتها. === رجوع الجواري إلى روذابه === ثم رجعت الوصائف الخمس الى القصر، و بشرت تلك الجارية سيدتها بأن قلب الملك هائم بها، و أن وجده بها فوق وجدها به. و قدّمن الجواهر التى. أنفذها بين يديها. ففرحت بذلك و سرى عنها بعض همومها. ثم تردّدت الجارية بين المتعاشقين حتى تواعدا على الاجتماع. === ذهاب زال إلى روذابه === فلما جنّ الليل جاء دستان و وقف عند أصل القصر. و أشرقت عليه روذابه من بعض شرفاته، قال: و العهدة عليه: فسدلت قرونها و أشارت الى أن يتعلق بها و يصعد. فامتنع من ذلك و قبل تلك الضفائر الممسكة، و علق الوهق، و صعد فى أسرع من رجع الطرف. فاجتمعت الشمس و القمر، و طال بينهما الحديث و السمر، و باتا يتشاكيان حرّ الاشتياق، و يتفاوضان ذكر الفراق، فى مجلس فرش بالديباج و الحرير، و نضد بالمسك و العبير. نفحت نسايم السحر، و تشعشعت تباشير الصبح، و غردت سواجع الأطيار، و فى عذبات الغصون و الأشجار، قام دستان فودعها فتعانقا و تحالفا على ألا يقرب كل واحد منهما غير صاحبه حتى يجمع اللّه بينهما بالنكاح. فافترقا على ذلك و جاء الى مخيمه. === مشاورة زال الموبدان في أمر روذابه === فلما طلعت الشمس جمع الوزراء و الأمراء، و شاورهم، و أعلمهم بأنه و يريد أن يتزوّج بابنة مهراب. فقالوا إنه من أولاد الضحاك. و لا يخفى عليك ما بين البيتين من العداوة و الشحناء. و لا يرضى أبوك سام و لا الملك منوجهر، بأن يجرى بينكما امتزاج و اتشاج. و إن سمعا بميلك الى هذه المصاهرة احتدما غيظا، و صعب استرضاؤهما، و نعذر استعطافهما. فلما سمع ذلك أطرق محزونا مكتبئا. ثم أقبل عليهم و قال: لا بد من إعمال الفكر فى ذلك بما يفضى الى حصول هذا المقصود. فأشاروا عليه بأن يكتب الى أبيه و يتضرع اليه، و يعرض ما بلى به من العشق عليه. فلعله يرق قلبه و يتشفع الى الملك و يتوسل اليه بذرائع عبوديته، و شوافع خدمته، و يسأله إذنه فى مصاهرته تلك. === كتابة زال رسالة إلى سام و الإبانة عن حاله === فاستصوب هذا الرأى فأحضر الكاتب و أمره أن يضمخ كافور القرطاس بمسك الأنفاس، و يكتب الى حضرة ذلك الهزبر الهصور كتابا يفتتحه بالثناء على اللّه خالق الأمم، و بارئ النسم. ثم يثنّى بالدعاء بثبات دوحة الجلال، و جرثومة الإقبال، ليث الحفاظ، و غيث النوال، مفخر السيوف و الأرماح، و فاجع الأشباح بالأرواح. ثم يثلث بما بلى به قرّة عينه، و فلذة كبده من شغفه بالمخدّرة البابلية. ثم يذكره العهود التى أبرمها يوم استنزاله من معشش العنقاء فى إيثار ما يعود بطيب قلبه، و يقضى بخفض عيشه. ثم يستأذنه، بعد الإطناب و الإسهاب فى معنى خلوص عبوديته، و نصوع طاعته، فى المصاهرة المذكورة، و المواصلة المطلوبة. فكتب على تلك الجملة كتابا و ختمه بالمسك، و طير به راكبا الى مازندران الى حضرة سام. فلما وصل الرسول أخبر سام بقدمة فقرّبه من بساطه، فأوصل اليه الكتاب بعد تقبيل التراب، و إقامة شرائط الخدمة. ففض ختامه و قرأه، فأخذه الوجوم، و تناوشته الهموم. ثم أخذ يفكر فى السبيل الموصل الى ما خامر قلب ابنه من مواصلة آل الضحاك و مصاهرتهم. و رأى أن ذلك مما لا يرتضيه الملك منوجهر. === مشاورة سام الموبدان في أمر زال === فأحضر المنجمين و الحكماء و شاورهم فيما هجس فى ضمير ولده من ذلك، و أنه كيف يجوّز الحزم التغافل و التغابى عن الحقود الدفينة، و الحسائك القديمة. و قال لهم: تدبروا فى ذلك الأمر، و استدلوا بطالعيهما على ما فيه من الخير و الشر، و استعينوا على ذلك ببصيرة العقل و قوّة الفهم، و استشفوا ستر العواقب، و طالعوا مرآة الغيب بالآراء الثواقب. ثم أعلمونى نتيجة ذلك. و أذن لهم فقاموا و التجئوا الى الزيجات و التقاويم، و تشمروا للنظر السديد و الرأى القويم. حتى وفقوا على الأمر المكنون، و السر المخزون. ثم جاءوا الى باب الملك مبشرين بسعادات دلت المخايل على ظهورها، و آذنت تباشيرها بطلوعها. و أخبروه أن اللّه أجرى قلم التقدير فى اللوح المحفوظ باقتران السعدين، و اجتماع النيرين بتواصل البيتين، و أنه يولد بينهما ولد يملأ الدنيا مهابة و قهرا، و شهامة و فخرا، و يرفع تاج السلطان، الى أوج الكيوان. و يطهر بساط الأرض عن أهل البغى و الطغيان، و تشتعل به نار ملوك الفرس حتى تمدّ باعها الى ذروة السماك، و يضرب لهم رواق المجد على مفرق الأفلاك. فلما سمع سام ذلك من المنجمين أخذته أريحية الطرب، و تمشت فى رأسه نشوة الفرح. فأفاض على أعطافهم الخلع الرائقة و أجزل لهم الأعطية و المنح الوافرة. ثم دعا برسول ولده دستان و أمره بالرجوع إليه. و ردّ اليه، أنا نتوصل الى قضاء حوائجك، و نسعى فى إنجاح مطالبك. و نهض الى حضرة السلطان لاستذانه فى إنشاء هذه المصاهرة، و تنجيز هذه المواصلة. و أمر بأن ينادى فى العسكر بالرحيل و التوجه الى مستقر سرير الملك، بعد ما كفاه اللّه تعالى ما اهتم به من العدوّ ، و أنعم عليه بالظفر و النصر و النجاح و الفوز. == ذكر انكشاف حال روذابه عند أمها و أبيها و اطلاع الملك على ذلك == === اطلاع سيندخت على أمر ابنتها روذابه === قال: فرجع الرسول الى حضرة دستان، و أعلمه أن أباه تقبل له بإنجاح المأمول، و إطلاب المقصود. فدعا بعجوز كانت تتردّد بينه و بين روذابه، و أنفذها اليها و أصبحها الرسالة التى عاد بها الرسول من عند أبيه. فدخلت عليها و بشرتها بذلك. فتخايلت من الفرح و تهللت من المرح، فأمرت لها بخلعة من القصب منسوجة بالذهب. فلما خرجت من عندها رأتها« سين دُخت » أم روذابه. فاسترابت بها، و أمرت بالقبض عليها، و استكشافها عما وراءها. ففزعت العجوز و تعلقت بأذيال الأكاذيب، و تمسكت بأهداب المخاريق. فما وقع ما ذكرته عندها موقع القبول. و أمرت بتفتيش ما اشتمل عليه إزارها. فعثروا على تلك الخلعة الفاخرة. فشدّدت حينئذ على الخبيثة الفاجرة، و أغلقت جميع الأبواب، و طفقت تلطم الورد بالعناب، و تفض من النرجسين عقود اللؤلؤ المذاب.و دخلت على بنتها و أخذت تخاطبها بلستان اللوم و التعنيف و العذل و التوبيخ على طرحها قناع الحياء، و تدرّعها ملابس الفحشاء. و تؤاخذها بإلباس العجوز الشوهاء، ملابس الخريدة العذراء. فما أجابتها إلا بالإطراق و رمي الأرض بالأحداق. فلما طالت مطالبتها لها باظهار حالها، و إعلان سرها تنفست الصعداء، و أسبلت من محاجرها الدماء، و فضت ختام سرها و ذكرت لها شغفها بابن الملك، و اجتماعهما فى تلك الليلة، و ما جرى بينهما من المعاهدة و المحالفة على الازدواج و الامتزاج و الأخذ فيما يفضى اليه من السعى البليغ و الجهد الأكيد. و أخبرتها بأنه قد كتب فى المعنى الى أبيه سام، و أنه رد اليه فى جواب كتابه أنى أنهض الى حضرة الملك منوجهر و أستأذنه فى ذلك توخيا لما يرتضيه، و انقياد لما يبتغيه. فلما سمعت ذلك سين دخت خفضت من غلوائها قليلا، و كفكفت من طغيانها حتى عاد حدّه كليلا لميلها الى مصاهرة ابن الملك و الاتصال به رغبة فيه لمكانه و علوّ شأنه. ثم اعتذرت الى تلك العجوز و طيبت قلبها، و أمرتها بإسبال الستر على ما جرى من الإساءة. و دخلت الى قصر مهراب و اضطجعت فى موضعها و تتفكر فى عاقبة الأمر و وخامته. === اطلاع مهراب على أمر ابنته روذابه === فدخل مهراب فرآها نائمة على غير العادة المعهودة، منزعجة قد تورّست صفحات خدّها بردع الألم، و تردّدت فى محاجرها عبرات الهم و الحزن. فاستخبرها عن حالها فما أجابت إلا بما نبت عنه مسامعه، و استبعدته ألمعيته. فألح عليها فى إظهار ما انطوى عليه سرها، و بث ما استجنه ضميرها. و استمرت على المدافعة عن إطلاعه على حقيقة الحال، و الإفصاح عنها بصدق المقال. فلم يزل يعيد عليها السؤال حتى شرحت لديه الحال. فلما وقف على ذلك مهراب تضرمت نيران غيرته، و وثب كالليث المحرج الى السيف متوجها نحو البيت. فنهضت زوجته و تعلقت به. ثم قالت: إنىئأعرض عليك رأيا فان كان من الصواب قريبا قبلته و إلا مضيت على غلوائك، و مقتضى رأيك. فتوقف ساعة. فقالت: إن هذا الأمر قد شاع و إن دستان قد كتب بذلك الى أبيه سام و رجع الرسول اليه مخبرا بأنه نهض من مازندران متوجها الى حضرة السلطان ليستأذنه فى الخطبة اليك. و سردت عليه جميع ما جرى من المراسلات و المكاتبات. فلما سمع مهراب ذلك خفض قليلا، و مال الى جريان الاتصال بين الدولتين، اعتضادا للبعض بالبعض من الجانبين. === معرفة منوجهر حال زال و روذابه === قال فاطلع منوجهر على الحال و أنهى اليه أن ابن سام يريد الاتصال ببنت مهراب، و أن أباه متابع على ذلك، و مصمم على النهوض الى حضرته لاستئذانه. فاحتدم و استشاط غضبا، و جمع وزراءه و قوّاده ، و فاوضهم فى ذلك. و قال: أخاف أن يكون تحت هذا الرماد جمر يثور منه دخان. و قد علمتم أن أفريدون كم تجرّع غصص المكاره حتى استأصل شأفة الضحاك. و اذا حصل بين ابن سام و بنت مهراب التى هى شعبة من الدوحة الضحاكية تزاوج أمكن أن يحصل بينهما ولد يكون له صغو الى أمه، فتحدّثه نفسه بإحياء بعض سنن البيت، فيتفاقم الأمر و يعضل الداء. و الحزم ألا يفتح له طريق الى هذا، و لا يمكن من السؤال فى ذلك المعنى. فاستصوبوا رأيه و أثنوا عليه. == مجيء سام إلى منوجهر == فلما قدم سام استقبله على العادة المعهودة، و تلقاه بالإعظام و الإجلال، و البر و الإِكرام ، و أنزله على جملة الاحترام. فلما كان من الغد جاء برسم الخدمة الى باب الملك فرفع دونه الحجب، و تلقاه الملك بالبشر و التهلل، و سايله عما قاساه من محاربة شياطين مازَندران و مكافحة أسود كركساران و ما لاقاه من مقاتلتهم و معاركتهم. فأخبره بما جرى له من أوّل نهوضه الى أن فتح اللّه عليه تلك البلاد. و ذكر له ما تيسر من قتل ملكهم الذى كان من أولاد سلم بن أفريدون. و أعلمه أنه قد صفت له تلك المملكة و انضمت الى جملة ممالكه. فلما أنهى حديثه أثنى الملك عليه و شكر سعيه. ثم دعا بآلات مجلس الأنس، و اشتغلوا بالقصف و الطرب، و تعاطوا أقداح اللهو و الفرح. حتى استباحت عقولهم الكئوس، و ثقلت من فضلات الراح الرءوس. استأذن حينئذ سام للقيام، و رجع الى مضطجعه. فلما أصبح ركب الى خدمة الملك ليعرض بذكر ولده زال، و يستأذن له فى معنى الاتصال ببنت مهراب. فلما دخل على منوجهر رآه كالمغتاظ محتدما كالنار. فافتتح و قال لسام: إنا تدبرنا فى أمر مهراب و أنه شعبة من تلك الجرثومة الخبيثة و لا بدّ من قلعها و استئصالها. و قد اقتضت آراؤنا أن تنهض لكفاية أمره، و استصفاء مملكته، و استضافتها الى ما فى يدك من ممالك الهند. فلما رأى سام أن الملك قد سدّ عليه طريق ملتمسه كف لسان سؤاله، و سارع الى الانقياد، و تشمر لما جرد فقبل الأرض فخرج متوجها نحو ممالك الهند. == ذهاب سام لحرب مهراب == فتناهى الخبر بذلك الى زال و مهراب، و قامت القيامة على مهراب و أصحابه و يئسوا من الحياة. و ضاقت الأرض على زال لأنه كان السبب فى إيقاد نائرة الفتنة. و توقد من الغيظ متنمرا كالثعبان الصائل. حتى قال يوما: إن مهراب نسيبى و هو معتضد بقوّة باسى و شدّة مراسى، و لا يقدر العقاب أن يطير على ساحة مملكته ما دام هذا الرأس على جسدى، و استقر هذا الصمصام فى يدى. ثم جاء الخبر بمقدم أبيه فخرج للاستقبال فى مواكبه. فلما طلعت رايات أبيه ترجل للخدمة، يتلقى الأرض بيده، و يلثم التراب بفيه. فأركبه أبوه و عانقه و مسح بيده غرته. فسار تحت أعلامه حتى نزل فى إيوانه. فجلا به فى الوقت و أخذ يبث اليه شكوى الحال، و ما قاساه مدّة مفارقته من الأشواق اليه، ثم ما أصابه من رسيس الوجد و حرقة الغرام. و أذكره معاهدته إياه على مواتاته فيما يطلب و يقترح، و معاونته فيما يعرض من مآربه و يسنح، و تنكبه عما يعود بضيق صدره، و يقضى بشغل قلبه. و كأنك الآن لم تقدم من مازندران إلا على ما يوغر صدرى، و يوحش قلبى، و يفجع بروحى شخصى. لما أنت عليه مصمم من محاربة مهراب، و تخريب دياره، و انتهاب خزائنه و رغائبه. فان كان الأمر على هذه الجملة فها أنا واقف بين يديك، مسلم زمام قيادى اليك. فخذ رأسى أوّلا ثم خض فى محاربة مهراب ثانيا. فرق عند ذلك من سام قلبه، و لانت صفاته، و طفق يعلل قلب ابنه بالأمانى. و قال له إنى أنفذك الى خدمة الملك، و أكتب اليه كتابا أستعطفه و أسأله الإنعام عليك بما يفضى الى إنجاح مآربك، و قضاء حوائجك. == ارسال زال رسولا إلى منوجهر == فاستحضر الكاتب و أمره أن يكتب مفتتحا بحمد اللّه خالق النجم و الشجر، و منوّر الشمس و القمر، المتصف بالقدم، المسلط على الوجود يد العدم. و مثنيا بالثناء على الملك الجليل ناعش التاج و التخت، و مالك الشرق و الغرب. ثم قال إنه لا يخفى على آرائه العالية أنى قد طعنت فى السن و تلفعت برداء الشيب، و ضعف كاهلى عن حمل أثقال السلاح، و وهت منتى عن إعمال السيف عند الكفاح. ثم أخذ يُدل فى كتابه بحرمانه السالفة، و حقوقه الثابتة، و مقاماته المشهورة، و وقائعه المذكورة، و نكاياته فى أعادى دولته، و مخالفى كلمته، و يصف ما لاقاه فى محاربة سعالى مازندران، و عفاريت كركساران و يذكر أنه جعل ولده دستان ولى عهده فى عبودية الملك و كفاية، ما يحدث من مهم يحتاج فيه الى قوّة باس، و شدّة مراس، و أنه قد نفذه الى حضرة الملك حتى يكتحل بالطلعة الميمونة و يمثل فى زمرة العبيد. و بعد ذلك لا يخفى على ألمعية الملك أنه و إن كان بقوّة أعضاده يدفع فى نحور الآساد، و يضعضع أركان الأطواد، فهو ربيب الطير. و من أجل ذلك هو رقيق القلب. و كأنه قد رأى بنت مهراب فملكت قلبه، و سلبته عقله. فهو أسير فى يد الغرام، منفجر الدمع مثل الغمام. نومه غرار، و دموعه غزار. و قد وفد الى حضرة الملك ملتجئا الى عاطفته، و مستعيذا بظل رأفته. راجيا أن ينعم عليه بالإذن فيما يروم. و ختم الكتاب بالدعاء و الثناء، و دعا بدستان و دفع اليه الكتاب. و أمره أن يتوجه الى خدمة الملك منوجهر فركب يطوى الأرض كالبرق الخاطف، حتى وصل إلى مستقر الملك منوجهر على ما سيأتى ذكره إن شاء اللّه تعالى. == ذكر إرسال مهراب زوجته سين دُخت و السبب فى ذلك و غضب مهراب على سين دخت == قال و لما شاع فى بلاد كابل أن منوجهر أمر ساما بالنهوض اليها لتخريبها و استصفاء حصونها و قلاعها، و استفاضت به الأخبار اهتاج مهراب و طار واقعه، و أقضت مضاجعه. فالتهب مستشيطا، و دعا بزوجته سين دخت، و شكا اليها ما ابتلى به من شؤم بنتها و قبح فعلها، و أنه بسببها قد ظهر الشر الكامن. و تحرّك العرق الساكن. و أوعد بقتلها مع بنتها متوسلا بذلك الى استعطاف الملك منوجهر و استرضائه فلعله يكف عن غلوائه، و يمسك عن محاربته، و انتزاع ممكلته من يده. فالتجأت الى إعمال الحيلة، و إجالة الفكر فيما يقضى لها بالنجاة من تلك المصيبة. فنهضت خائفة ترجف أحشاؤها، و باتت بليلة أنقد، تأبى مزعجات الخوف أن تغفو و ترقد. فلما أصبحت دخت لعى زوجها و قالت إن هذا الأمر لا بد من تلافيه، و مقتضى الحزم التشمر فيه. فإنه ما عز أمر إلا هان، و لا تصعب ريض إلا استقاد و لان. و كذلك ظلام الليل و ان أرخى سدوله، و سحب على النواظر ذيوله، فلا بدّ من انفراجه بطلوع الصبح و ابتلاجه. و الرأى أن أنهض رسولا إلى سام، و أستل هذا الحسام، و أستعطفه و أستلين عريكته، و أطفئ هذه النائرة، و أسكن الفتن الثائرة. و اذا خاطرت أنا بالروح فلا بدّ لك من المساعدة بالمال. فاستصوب مهراب رأيها و رضي لها بالبروز، و سلمت اليها مفاتيح الكنوز. و أطلق يدها فى جميع تلك الرغائب، و الذخائر و الحرائب. فقالت لا آمن، اذا غبت، على روذابه من بائقة غضبك، و بادرة سطوتك، و لا يمكن خروجى إلا بعد الاستظهار منك بعقود محكمة، و مواثيق مبرمة، على كف عاديتك عنها. ففعل ذلك. ثم تشمرت للنفود فى ذلك و فتحت أبواب الخزائن، و أخرجت ثلاثين ألف دينار برسم النثار، و عشرة من الخيول المذكورة، و ثلاثين رأسا غيرها من العراب الجياد، و خمسين وصيفا كالأقمار الطالعة، مشدودى الأوساط بمناطق الجواهر الرائعة، و ستين وصيفة كأنهن ضرائر الحور العين، على يد كل واحدة جام مملوء من المسك الفتيق، و العنبر السحيق، و أربعين رزمة من الوشائع و الرومية و الدبابيج التسترية، و مائة قطعة من السيوف الهندية، و الصوارم المشرفية، و مائة ماقة حمر الأوبار هدل الشفاه قوالص الأشفار، و مائة بغلة كأركان الجبال برسم الأحمال، و تاجا من الذهب محلى بزهر الجواهر، كالشمس المنقطة بالنجوم الزواهر، و تختا يشبه الفلك الدّوار ركبت فيه يواقيت تخطف الأبصار، و أربعة من الفيلة الهائلة التى تضرب وسط الحروب بالأسداد، و تزاحم مناكب الأطواد. == سام يحسن إلى سين دخت == قال: فلما أعدّت استعدّت و ركبت منطلقة نحو حضرة سام فلم يحس بها أحد حتى حلت بفنائه. فسألت الحجاب أن يعلموا ساما بوصول رسول من عند ملك كابل. فلما أخبر سام بذلك أمر أن ترفع دونها الحجب. فدخلت و قبلت الأرض، و مثلت بين يديه. و كانت قد أمرت أن تصف الهدايا صفوفا و بأن يقدم الواحد منها بعد الواحد بين يدى سام. ففعل ذلك و أعجبته تلك التحف بكثرتها، و جميل هيئتها. و جعل يتعجب من إنفاد مهراب إياها على يدى امرأة و يقول فى نفسه: إن قبلت هذه التحف و علم بذلك منوجهر لم آمن عواقب سخطه. و إن لم أقبلها و سمع بذلك دستان تنمر فطار واقعه، و هاج وادعه. فوقع له أن يسلموا تلك الهدايا و التحف إلى خازن ابنه دستان. فلما رأت العقيلة الكابلية أن ساما أمر بقبول مستصحباتها تهللت فرحا. و كانت معها ثلاث وصائف على يد كل واحدة طبق مشحون من الياقوت و الزبرجد فأمرتهن فنثرنها تحت قدم سام. ثم أخلى المجلس لأداء الرسالة. فتقدّمت نحو بساطه، و أطلقت لسانها بالثناء. و قالت أيها الملك: إنه لا تتعلم مكارم الشيم إلا من أخلاقك، و لا يهتدى الى طريق المحاسن و المآثر إلا بإشراق أنوارك. و أنت الذى يفرج برأيك رتاج كل أمر، و يغلق بعدلك باب كل شر. و لا يخفى عليك أن البرىء لا يؤاخذ بذنب المجرم، و أن المحسن لا يقابل بجزاء المسيء المذنب. و إذا أساء الضحاك الذى ذاق وبال ظلمه، و استوخم عاقبة فعله فأنَّى تجوّز المعدلة الفائضة، و المرحمة الشاملة أن يعاقب لإساءته مهراب الذى هو غرس نعمتك، و تراب قدمك، و لم يسلك منذ تصدّى لسلطنة كابل غير طريق طاعتك، و منهج عبوديتك. نعم و إن كان قصد الملك لبلاده من أجل الدين فإن إلهنا و إلهكم واحد، لا خلاف بين الطائفتين فيه. غير أن قبلتنا التماثيل و الأصنام، و قبلتكم الشمس و النيران. و على الجملة فأنت تعلم أن سفك الدماء لا يستحسن، و أن مؤاخذة غير المجرم عند الملوك تستهجن. فلما سمع سام ذلك أقبل عليها و سايلها عن حالها أ هي زوجة مهراب أم مستخدمة له؟ ثم سايلها عن حال روذابه وصفتها و عن مبدأ السبب فى هيمان ولده بها. فقالت إذا وثقت من الملك بمعاهدته إياها على ألا يرصد لها و لا لصاحبها بالغوائل، و لا بقصدهما قصد العدوّ المخاتل، أطلعته بصدق المقال على جميع الأحوال. فصفق بيده على يدها، و حالفها على ذلك. فقامت سين دخت و قبلت الأرض، و قالت أما أنا فانى، مع انتسابى الى الدوحة الضحاكية، صاحبة مهراب و والدة روذابه التى ملكت بجمالها و كما لها قلب ابنك دستان. و نحن كلنا عبيد حضرتك، و المنخرطون فى سلك خدمك. نسأل اللّه تعالى دوام ملك و ثبات دولتك. و إنما باشرت بنفسى هذه الرسالة لأعرف رأيك فى أهل كابل. فان كنا نحن من المجرمين، أو لا نليق بالملك فى تلك الأرضين جريت فينا على مقتضى رأيك. فسيفك محكم فى رقابنا. و لا ينبغى على ذلك أن تتعرّض بمكروه لأهل كابل الذين لم يجترحوا ذنبا، و لم يقترفوا جرما. فلما علم سام صدق مقالتها، و نصوع طويتها فى الطاعة أقبل عليها و قال إن المعاهدة بيننا قد سبقت آنفا. و لست عن مقتضاها أحيد، و لو قطع منى الوريد. حوا آمنين فى مراتع عيشكم، و اطمئنوا وادعين فى ظلال أمنكم. فانى مظاهر ولدى على هذه المصاهرة و المواصلة. و إن كنتم من أهل بيت آخر فإنكم من أهل الملك، و من أصحاب التاج و التخت، و ولادة الأمر و النهى. و لكن جرت عادة الأيام بتقلب الأحوال. و العاقل يعلم أن لأدوار الدول أطوارا، و أن فى مسالك الحظوظ أنجادا و أغوارا. فمن ناقص ينمو نموّ الهلال، و كامل ينقص كالقمر بعد الكمال، و مصير الكل الى الزوال. و إنى قد كتبت الى الملك منوجهر كتاب تضرع و ابتهال، و نفذته الى حضرته على يدى ولدى زال. و قد حلق نحوه طائرا بقوادم العجلة، حتى كأنه حين ركب لم تحوه دفتا سرجه، و لم تمسس التراب حوافر خيله. و سيردّ الملك، إن شاء اللّه ، عنانه منعما علىّ بانجاح أمه، و قضاء وطره. فرأت سين دخت حينئذ مباسم سام عن الرضا متبسمة، و أسارير جبينه بالريتاح متهللة. فطيرت فارسا الى مهراب مبشرا بما حصل من استرضاء سام، و رجوعه الى خطة الموافقة، و مخبرا بما فى نفسه من المساعدة على المصاهرة. ثم جاءت صباح اليوم الثانى الى سام و استأذنته فى الرجوع الى دار ملكها، و مقرّ عزها، للاشتغال بإعداد أسباب العرس الميمون. فأذن لها فى المعاودة. و أمر لها بخلعة تليق بمكانتها و جلالتها. و وهب لها جميع ما كان له فى بلاد كابل من الدور و القصور و الخيل و النعم، الى غير ذلك من أن أنواع النعم. و تصافقا ثانيا متقبلا روذابه لولده دستان، قولا يصدّقه الوفاء و وصلا يشايعه البنون و الرفاء. و قال لها: لن تراعوا بعد يومكم هذا. فودعها و سرحها راجعة و أنفذ فى خدمتها أميرا كبيرا فى مائتى فارس، يصحبها الى أن تطأ عرصة مملكتها، و تعود الى معرّس دولتها. == ذكر وصول زال الى حضرة منوجهر == === مجىء زال بكتاب سام الى منوجهر === قال فجاء الخبر الى منوجهر بوصول زال فاستقبله، أعيان القوّاد ، و أمراء الأجناد، و لما قرب من السرادق رفعت دونه الستور حتى دخل. فلما وقعت عينه على الملك قبل الأرض، و وضع جبهته على التراب، على رسمهم فى الخدمة. و بقى كذلك ساعة. فأشار الى من رفع رأسه من الأرض و قرّبه الى التخت فلا لاطفه فى خطابه، و سايله عن حاله، و ما تحمله من وعثاء السفر فى حله و ترحاله. فقال كل تعب يقضى الى لقائك فهو راحة و سرور، و كل عناء يقع فى الطريق اليك فهو مسرة و حبور. فتناول منه الكتاب فتبسم لما قرأه مستبشرا متهللا. ثم أقبل عليه و قال: حملت قلبك هما طويلا، و ألزمت نفسك عناء عظيما. و لكن العزم بسبب هذا الكتاب الذى كتبه ذلك الشيخ الكبير، و إن كان صدرى بما فيه يضيق، ألا تسدّدون مرادك الطريق. و سأقضى لك جميع حوائجك، و أحقق جميع مآربك، و مدّوا السماط. فلما طعموا و رفع مالوا الى مجلس الأنس و الطرب، و تعاطوا كئوس الرحيق. و لما ثمل دستان نهض فأركب مخيمه. و لما أصبح عاودا الخدمة فأثنى عليه الملك حين شاهده، و حين ثنى عنانه و فارقه. == البحث في طالع زال من قبل المنجمين == قال: فأمر بمجمع العلماء و الحكماء و من تبحر من المنجمين، و أمرهم بالبحث فى طالع زال، و التنقيب عن سر الفلك فى أمره، و عما يؤول اليه حاله فى مصاهرته تلك. فلبثوا ثلاثة أيام يعملون دقائق النظر، و ثواقب الفكر، فى تطلب علم ما وارثه ستور الغيب. ثم جاءوا الى باب منوجهر و قالوا أيها الملك: إنه قد ظهر لنا على مقتضى الأحكام السماوية، و أسرار الأجرام العلوية أن يولد بين ابن سام و بنت مهراب ولد كبير القدر، رحيب الصدر، طويل النجاد، طلاع الأنجاد، و يكون غمر الرداء، واسع العطاء، مخصوصا بشدّة القوّة ، و ضخامة الجثة، و طول المدّة . تكاد هيبته تمنع العقاب الكاسر أن يطير حواليه، و الأسود السود أن تزأر بين يديه. اذا لمعت بوراق سيفه فى اللقاء تدفقت شآبيب الدماء. يشدّ وسطه فى هذه الممالك لخدمة الأملاك، و يرفع قواعد مجدهم على ذرى الأفلاك. فلما سمع الملك ذلك أمرهم بإخفاء السر، و دعا بزال ليجرّب عقله و فهمه بمساءلته عن مسائل غامضة، و إشارات خفية. فأحضر كل موبذ كان بحضرته و عقد مجلسا عظيما، و أحضر زالا فأمرهم أن يباحثوه و يسايلوه المسائل التى سئل عنها زال و ما ذكر فى جوابها == امتحان الموبذان زال == قال فتصدّى موبذ و سأله عن اثني عشرة شجرة جذب بأضباعها السموق، و مدّ من أعضادها البسوق. قد تشعب من كل واحدة ثلاثون غصنا لا يرى الفرس فيها زيادة و لا نقصا. و سأله آخر عن فرسين: أحدهما أشقر كالنار و الآخر أدهم كالقار. لا يزالان يتراكضان، يتعاقبان و لا يتسابقان. و سأله آخر عن ثلاثين فارسا يعرضون على السلطان، اذا عبروا نقص منهم واحد، و اذا رجعوا فلا ناقص و لا زائد. و سأله آخر عن روضة معشبة يرف نباتها فى رونق الغضارة، و تروق العيون بالبهجة و النضارة. ثم ينحى عليها ذو منجل يُنزل بساحتها مكروه الخطب، و يجمع فى حصدها بين اليابس و الرطب. و سأله آخر و قال: شجرتان من بواسق الأشجار، ثابتتان فى البحر الزخار، على كل واحدة منهما وثَر لطائر يصبح على إحداهما و يسمى على الأخرى. اذا طار من هذه تساقطت أوراقها، و اذا وقع على الأخرى راق العيون إيراقها. فتكون الأولى ناضرة على الدوام، و الثانية ذابلة مدى الأيام و سأله آخر عن بلدة طيبة حصينة فى ذروة جبل، تركها الناس و عمدوا الى أرض تنبت القتاد، فأرسوا بها الأوتاد. و بنوا بها الدور، و شيدرا فيها القصور. و تناسوا تلك البلدة الطبية. فبيناهم كذلك إذ خسفت بهم أرضهم، و قامت عليهم القيامة، و حالفتهم الحسرة و الندامة. فقيل لزال: إن أبرزت هذه الكنوز، و أو صخت هذه الرموز كنت العالم الخبير، و أثرت من التراب العبير == إجابة زال الموبدان == فأطرق ساعة ثم رفع رأسه و أعاد تلك المسائل. ثم قال: أما الشجرات الاثنتا عشرة فهى عدة الشهور مع الأيام، على تعاقب الأزمنة و الأعوام. و أما الفرسان فهما الملوان يتعاقبان و لا يتسابقان. و أما أعداد الفرسان، و ما يظهر فيها من النقصان، فذاك إشارة الى نقصان الشهر و أنه تارة يكون تسعا و عشرين، و تارة ثلاثين. و أما الشجرتان اللتان عليهما معشش الطائر فإن العالَم من وقت حلول الشمس فى برج الحمل الى أن تبلغ الى الميزان يتبرج كالخريدة المعطار، فى حلى الرياحين و حلل الأزهار. و من حين حلولها العقرب الى أن تحل الحوت يقبع بين إسحاق الحِداد ، و أطمار السواد. فالشجرتان كنايتان عن عضدى الفلك الدوّار ، و الطائر عبارة عن الشمس الباهرة الأنوار. و أما البلدة الطيبة فهى دار القرار، و منزل الأبرار. و الأرض التى آثروها عليها فهى الدنيا قرارة الأكدار، و معرّس الأخطار. تناهبك مدارج الأنفاس، و تضرب فى انصرام عمرك الأخماس فى الأسداس. بينا أنت الى نعيمها راكن، و فى ظلالها وادع ساكن، إذ تزلزلت من تحتك، و أمطرت مكارهها من فوقك، فسمعت الأفلاك تنشدك فى ذاك الإنسان، و إن طاول الكيوان، فليس يصحبه منها غير ستره تحت حفرة. فإن اكتسب فيها الذكر الجميل، أحرز هنالك الأجر الجزيل. و إن زرع العدل و الإحسان، حصد الروح و الريحان. ثم إن صاحب المنجل كناية عن الأجل يحصدنا كحصد النبات، فيأتي على البنين و البنات، سواء فى مكروهه الشيب و الشبان، و الفروع و الأغصان. == زال يظهر مزاياه أمام منوجهر == قال: فلما رأى منوجهر استخراجه لتلك الرموز الخفية و الأسرار المبهمة تهلل مستبشرا و ارتاح مبتهجا، و جلس فى مجلس عظيم قد فرش بالديباج و الحرير، و طيب بالمسك و العبير. و دعا بدستان و سائر القوّاد . و تعاطوا كئوس الرحيق. فلما تورّدت وجناتهم، و تمشت فى مفاصلهم نشواتهم، قاموا متمايلين الى مضاربهم. و لما أصبح زال عاود الخدمة و استأذن الملك فى عوده الى أبيه. و ذكر أنه قد برحت به اليه الأشواق، و استنفد صبره الفراق. فقال له الملك تلبث عندنا هذا اليوم. فمازحه و قال إن الذى يزعجك حب ابنة مهراب، و النار تأبى إلا الالتهاب. فأمر العسكر فلبسوا السلاح، و جردوا الصفاح، و اعتقلوا الرماح. و برزوا الى الميدان، يتلاعبون بالسيف و السنان، و يتساجلون فى الضراب و الطعان. قد نصبوا الأغراض، و تعاطوا التوتير و الإنباض. فمسخ زال معاطف قوسه و أطلق نشابة نحو شجرة عظيمة كانت بين يديه فمرقت منها. ثم أتبعها بأخرى راكضا فرسه فنفذت فيها كمثل الأولى. ثم اصطف العسكر من الجانبين و زحف بعضهم الى بعض يواترون بين طعن و ضرب. و كان زال مطلا عليهم ينظر اليهم. فرأى فيهم فارسا يغلب الأقران، و لا يتهيب السيف و السنان. فصمد صمده، و قصد قصده. و أنشب فى معاقد منطقته مخالبه و قطرة عفيرا. فرفع الناس صياحهم، و قالوا ما من فارس مقدام نعرّض هذا الغضنفر له إلا و أمه ثاكلة. و هيهات أن تلد الضراغم مثله أو يلاقى الملاحم و الوقائع شكله. فليهن ساما أن يخلفه هذا البطل الجسور و الليث الهصور. و أثنى عليه منوجهر فى جميع الأمراء و القوّاد . و رجع الى الإيوان فخلع عليه خلعة تليق بمثله مضافة الى التاج و التخت و السوار و الطوق الى غير ذلك من الثياب الرفيعة، و الخيول العتيقة، و الغلمان الرشيقة. == جواب منوجهر إلى سام == و أمر بأن يكتب جواب كتاب سام، و يعلم فيه أنه قرّ عين الملك بطلعة زال و لقائه و انشرح صدره بمحاسن آدابه. و أنه تقدّم بإنجاح جميع مطالبه و قضاء مآربه. فخرج زال بالطائر الميمون، و الطالع المسعود. و قدّم فارسا الى حضرة أبيه ليعلمه بإقباله منصرفا من حضرة الملك منوجهر، و يبشره بما قابله من الإنعام و الإعظام، و أفاض عليه من المنن الجسام. فلما بلغ الخبر بذلك الى سام دبت فى معاطفه دواعى الطرب حتى كأنما عاد شبابه النضير بعد أن جلله القتير. فأرسل فارسا الى مهراب ليعلمه بالحال و يبشره بما أنعم به الملك منوجهر، و يعلمه بأنه منتظر قدوم ولده، و أنه اذا وصل بادرنا الى فنائك، و استسعد بلقائك. فلما بلغ الخبر بذلك الى مهراب كاد يخلع روحه على البشير و يطير من الفرح و السرور. و دعا بزوجته سين دخت و شكر سعيها و قال: إنك قد أعلقت يدك بشجرة من شجرات المجد، و اتصلت بجرثومة من جراثيم الملك. فتأهبى للأضياف الكرام، و أعدّى أسباب الإكرام و الإعظام. و سلم اليها مفاتيح الخزائن، و أطلق يدها فى تلك الدفائن. فقامت و دخلت على بنتها روذابه و بشرتها بعلو جدّها و سعادة طالعها. فدعت لها بطول البقاء، و دوام المجد و السناء. و قالت: سأجعل تراب قدمك على مفرق رأسى إكليلا، و أتخذ من رأيك الى جميع السعادات هاديا و دليلا. قال: فأقبلت سين دُخت تزين الدور، و تنجد القصور. فزينت مجلسا مذهبا و فرشت فيه. بساط منسوجا من الذهب موشحا باللؤلؤ و الزبرجد. و نصبت تختا من العقيان مخروط القوائم من حجر البهرمان. ثم حلت الخريدة العذراء، و جلتها على ذلك التخت. كأنها الشمس فى كبد السماء، موشحة بقلائد الجوزاء. و سدلت دونها الحجب و أرخت السجف. ثم أمرت فزينوا جميع البلد بموشيات المطارف، و مستحسنات الرفارف. و جللوا ظهور الفيلة بالحرير و الديباج، و وضعوا على كواهلها أسرة العاج لتركبها القيان المحسنات، و الجوارى المسمعات. و اشرأبوا لاستقبال الملكين، و طلوع النيرين، مترصدين للانتظار، طامحين نحو الطريق بالأبصار. == ذكر رجوع زال الى أبيه سام و نهوضهما الى كابل للعرس == === وصول زال الى سام ابيه === قال فانصرف زال من حضرة الملك منوجهر يسوق مستعجلا كالطير فى الهواء، و السفينة على وجه الماء. فلم يشعر به أحد حتى طلع على أبيه. فلما رآه وثب اليه فعانقه، ثم أهوى زال بقبل الأرض. و عاد سام الى تخته فتسنمه. و طفق ابنه يحكى لديه ما أنعم به الملك عليه، و أسدى من عوارفه اليه. و حكى له أبوه قدوم سين دُخت عليه فى طلب المصالحة و المسالمة، و مسارعته الى تحقيق مطالبها، و مبادرته الى محالفتها و مصافقتها، و مواعدته العزم على النهوض الى كابل لاجتماع القمرين، و اقتران السعدين. فلما سمع دستان ذلك تورّدت بشرته، و تهللت أسرّته من فرط الفرح و السرور. فبيناهم فى ذلك اذ وصل رسول من كابل يذكر أن مهراب ينتظر قدوم سام و دستان. و يترقب تجشمها النهوض اليه. فأمر سام بالرحيل و قدم الى راكبا الى مهراب يعلمه بوصول دستان من حضرة الملك و أنهما آخذان فى الركوب اليه و القدوم عليه. فخرج مهراب لاستقبالهما و أمر بشدّ الكوسات و الطبول على مناكب الفيول، و ركوب العساكر فى موشعات الملابس، و نشر عذبات الرايات و الأعلام، و خروج القيان و المغانى بالمزاهر و المعارف. === نهوض سام و دستان إلى كابل للعرس === قال: فلما طلعت رايات سام ترجل مهراب إعظاما لقدرة و إجلالا لمحله. فعانقه سام و جعل يسأله ملاطفا و يساره مفاكها، و مهراب يقابله بالثناء و الدعاء. فركب يسايره، و دستان يسير قدّامه كالهلال ليلة العيد يشار اليه بالأصابع، و يرمى نحوه بالنواظر. حتى انتهوا الى كابل فرأوا الأرض تطن بحفق الطبول و نقرات السرور. و استقبلهم اهل البلد راكبين قد ضمخوا أعراف الخيول بالمسك الأذفر، و خلّقوا سائبها بالزعفران و العنبر. و خرجت البلد راكبين قد ضمخوا أعراف الخيول بالمسك، على يد كل واحدة جام من الذهب نضدت عليه قطع الياقوت و حبات اللآلئ. فلما رأت ساما و ولده أمرتهنّ فنثرن تلك الجواهر تحت سنابك الخيل. و كثر نثر الدراهم و الدنانير يمنة و يسرة حتى خيل للرائين أن السماء تمطر على المواكب زهر الكواكب. و قال سام فى خلال ذلك لسين دخت: أ لم يأن أن تقرّ ألحاظنا بالخريدة العربية، و تكتحل أحداقنا بالعقيلة الكابلية؟ فأجابته ضاحكة و قالت: إن أحببت أن ترى الشمس المنيرة فأين التحفة و الهدية؟ فلاطفها سام و قال: كل ما أملكه من صامت و ناطق نثار لقدمك و فداء لخدمك. فنزلوا و رفعت دونهم الأستار و الكلل حتى دخلوا الايوان المذهب، و المجلس المنجد. فرأى سام روذابه فوق تلك المنصة متجلية كالشمس البازغة. فبهت لرونق جمالها و قضى العجب من حسنها و كمالها. و أمر مهراب فتقدّم و عقدوا العقد على عادتهم المألوفة و سنتهم المعهودة. ثم أخذوا بيد زال و أقعدوه لجنب صاحبته، و نثروا على سريرهما المنجد أطباق الياقوت و الزبرجد. و كانت تلك الليلة من الليالى الزهر، و من حسنات الدهر. قال فجاءوا بنسخة تفصيل الجهاز للعرض، فأفصحت بذكر نفائس لم تر مثلها عين و لا سمعت بها أذن. و أقاموا بكابل ثلاثة أسابيع لا يفيقون من نشوات الأفراح، و لا يقصرون عن معاطاة الأكواب و الأقداح. ثم عزم سام على الارتحال خارجا نحو سجستان. فتوجه اليها و أمر زال بإعداد العماريات و تهيئة المهود و الهوادج، و اتبعه مستصحبا صاحبته و مهراب و زوجته، و ارتحلوا من سجستان جميعا قاصدين قصد نيم روز فقدموها. و أقام سام بضيافتهم ثلاثة أيام. و رحل راجعا الى كابل خطة ملكه و مقرّ عزه. و أقامت سين دخت عند ابنتها. و أمام سام فانه جعل تلك الممالك برسم ابنه دستان. و أقعده على سرير ملكه، و أقامه مقام نفسه. و ترحل عنها نحو كركَساران و نواحى مازَنْدران ليتخذها دارا و يتبوأها قرارا. == ذكر ولادة رستم == فلم يمض إلا قليل حتى حملت روذابه و تناوش شخصها النحول، و مس ورد وجنتيها الذبول. و كانت أمها سيمين دخت تسايلها عما تقاسيه من الحبل و وصيه، و تعانيه من الوحم و نصبه. فكانت تخبرها بما تجده من الآلام و يزعجها من الأوجاع. و كانت لا تنام بالليل و لا تهدأ بالنهار. كأن جلدها حشى بالجندل و الحديد أو بالصرفان الشديد. فلما انتهت مدّة حملها، و دنت ساعة وضعها غشى عليها فشهقت سين دُخت و خمشت خدّها ، و نتفت شعرها. و دب فى وصائفها الأنين و النجيب، و شملهن البكاء و العويل. و أعلم بالحال زال فجاء بقلب محترق، و دمع مندفق. فبيناهم كذلك متلددين بين اليأس و الأمل، متردّدين بين الرجاء و الوجل إذ ذكر زال ريشة العنقاء التى أعطتها إياه على ما سبق ذكره. فبشر بذلك سين دخت، و دعا بمجمر فأحرق بعضها فاذا بالسماء كأنها قد تغيمت، و بالآفاق كأنها أظلمت، و بالعنقاء قد أقبلت بالطائر الميمون كسحابة شآبيبها قصب المرجان، أو روضة شقائقها من العقيان. و لما دنت خرّ زال ساجدا يقبل الأرض و يذرى الدمع. فنادته العنقاء و بشرته بسلامة صاحبته، و أنكرت عليه الجزع، و قالت حاش لعيون الأسود أن تنضح برشاش المدامع، و معاذا لناكب الأطواد أن تتزلزل بالرياح الزعازع. إنه سيصحر من أجمة هذه اللبوة شبل أغلب، تقبل سود الأسود مواطئ قديمه، و لا يجترئ السحاب المكفهر أن يمرّ عليه. تتشقق جلود النمور دون غرار هيبته، و تستل بأنيابها مخالبها مخافة سطوته. ثم قالت تأخذ بإذن اللّه تعالى حديدة حادة و تدفعها الى آس حاذق أخذ يد القميص و يعل الحاملة بأرطال من سلاف العقار حتى يملك السكر عنان حواسها. ثم يشق الحكيم بتلك الحديدة خاصرتها و يستخرج منها الولد. ثم الشق و يرتق الفتق. ثم يؤخذ حشيشة كذا و كذا، و تدق بلبن و مسك، و تجفف فى الظل و تسحق. ثم تذر على موضع الشق. و تمرّ عليه ريشة من جناحى الميمون. فهنالك يسهل جميع الحزون. و لا تستهولن ذلك، و أطلق لسانك بشكر اللّه تعالى حيث آتاك شجرة ناضرة تثمر لك كل يوم ثمرة يانعة. ثم نزعت ريشة من جناحها و رمت بها اليه و طارت فى السماء، و حلقت نحو تلك القلة الشماء. فبادر زال الى تلك الريشة و أخذها، و أعدّ جميع ما أشارت به العنقاء من الأدوية. و الخلق مجتمعون يقضون العجب من تلك الحالة. === كيفية تسميته برستم و ما جرى بعد الولادة === ثم جاءوا بموبذ خفيف اليد أحذق أهل زمانه فى صناعته. فسقى روذابه من المدام الصرف أقداحا حتى سكرت و خرت صعقة لم تحس بشيء. فاستل تلك الحديدة و شق خاصرتها ثم استخرج منها بخفة و سرعة يد ولدا لم ير مثله قط. قد صوّره اللّه تعالى على خلقة تعجب العيون الذهب و الجوهر و بقيت أمه على حالها مغشيا عليها يوما و ليلة. ثم أفاقت بعد ذلك فنثروا عليها الذهب و الجوهر و دعوا اللّه تعالى و حمدوه على ما أسد اليهم. ثم قدّموا الطفل اليها كأنه ابن عشر سنين. فلما رأته تبسمت ضاحكة و قالت برستم أى قد خلصت. فسمى الصبى« رُستَم ». قال: فخاطوا على قدّ ذلك الطفل العزيز تمثالا من الحرير و حشوه بوبر السمور. و صوّروا وجهه كصورة الشمس. و ركبوا عليه أعضادا كأنها الثعابين. و جعلوا له أظافير كبراثن الأسود. و شغلوا إحدى يديه بالجرز مرفوعا الى كاهله، و الأخرى بعنان فرس أركبوه عليه محفوفا بخدم مكنوفا بخول و حشم. و أثاروا هجينا و نفذوا التمثال الى سام. قال: و بلغ الخبر الى مهراب فاستهز الطرب أعطافه، و كساه السرور أفوافه. و اتخذ الناس من أوّل أراضى كابل الى آخر حدود زوال تلك الأيام أعيادا، مواسم سرور و فرح و حبور. يواصلون بين الصبوح و العبوق، و يفيضون سيول الرحيق فى أودية العروق. لا يفيقون من قصف، و لا ينفكون من عسف و عزف. و لما جاء المبشر بذلك التمثال الى سام و وقع بصره عليه قامت شعرات بدنه حين رآه على صورته و شكله. و أمر بإفاضة الدراهم و نثرها على المبشر حتى كاد ينغمر فيها شخصه. ثم أمر بضرب البشائر و ركوب العساكر للتطارد فى الميدان، و التلاعب بالسيف و السنان. و أمر الكاتب أن يجيب عن كتاب زال مفتتحا كتابه بحمد اللّه عز و جل قائلا فيه لزال: إنى كثيرا ما ابتهلت الى اللّه تعالى و تضرعت اليه أسأله أن يقرّ عينى بشبل يصحر عن غيلك، على صورتى التى جبلنى عليها. فالحمد للّه على قضاء الحاجة و إنجاح الطلبة. و لا أسأله سبحانه إلا أن يطيل بقاءه، و يسهل الى معارج العلوّ ارتقاءه. قال: و كانت له عشر مرضعات يمتص نخب ألبانهن حتى ترعرع. و لما بلغ ثمانى سنين صار كالنخل الباسق: و الكواكب الدرىّ فى الظلام الغاسق، يحكى فى بهاء المنظر، و رشاقة القد، و أبهة الجلالة جده ساما. و كان لا يحمله مركوب غير الفيل لضخامة جثته و عبالة أكتافه. === مجيء سام لرؤية رستم === و جاء الخبر الى سام بأنه قد ترعرع و ارهق. فاشتاق الى لقائه و أقبل نحو زابلستان. فلما أحس بمقدمه زال ركب مع مهراب، و أمر بركوب العساكر للاستقبال. و شدّت الكوسات على كواهل الأفيال. و قدّموا فيلا عظيما، و شدّوا على ظهره تختا من الذهب. و جليس عليه رستم مشرفا على الناس معصوب الرأس بالتاج مشدود الوسط بالمنطقة، فى يده قوس و نشاب. فلما طلعت رايات سام من بعيد اصطفت العساكر سماطين. فترجل زال و مهراب و الأمراء و القوّاد و وضعوا جباههم على الأرض برسم الخدمة. ثم أطلقوا ألسنة الإخلاص بالثناء و الدعاء. و تهلل وجه سام حين وقع نظره على رستم. و أمر فقرب منه الفيل الذى هو راكبه فرآه على تلك الهيئة. فأثنى على اللّه تعالى، و دعا له بالبقاء. ففتح رستم لسانه بالثناء عليه و قال: إنما أنا فرع أنتمى الى جرثومة جلالك و أتقيل شمائلك فى جميع أحوالك. و لعل اللّه تعالى و حين صوّرنى على صورتك يمدّ أعضادى بمثل قوّتك . ثم نزل عن ظهر الفيل. و أكب عليه سام يقبل رأسه و عينه، و يعوذه باللّه عز و جل. ثم توجهوا جميعا نحو لكورابذَ يتفاكهون فى الطريق بصدور منشرحة و قلوب مرتاحة و أقاموا بها شهرا كاملا لا شغل لهم غير اللهو و الطرب، و لا نديم لهم سوى ابن الغمام و ابنة العنب. و كان سام لا يقبض عنان طرفه عن رستم و ضمائله، و يقول لزال لو سايلت مائة من القرون لم تسمع بولد استخرج عن خاصرة أمه كما استخرج هذا. و طفق يشكر العنقاء و يحمد اللّه عز و جل إذ ألهمها صنيعها ذلك. فاندفعوا فى شرب المدام الى أن أفرغت الكئوس، و شرقت بالخندريس النفوس. و طفق مهراب فى غمار سكره يقول: لا أبالى بعد يومى هذا بزال، و لا أتفكر فى سام، و لا يهمنى هم الملك المتوّج . اذا برزت مع رستم الى الميدان و تطاردنا مع الفرسان اضطرب لمهابتنا الخافقان. و سأحيى دولة الضحاك، و أضرب خيم العز على الأفلاك. ثم عزم سام على الرحيل فارتحل و خرج فى ركابه رستم و أبوه برسم الوداع مرحلتين. فأقبل سام على زال و أوصاه بالعدل و الاحسان، و طاعة السلطان، و متابعة الرأى و العقل، و مخالفة النفس الأمارة بالسوء، و سلوك سبيل الحق، و التنكب عن طريق الشر. ثم قال له: إياك و الإخلال بشىء من هذه الوصية. و اعلم أن نفسى تحدّثنى بأن مقامى ليس يطول فى دار الدنيا، و كأنى قد شارفت الارتحال. ثم ودع ولديه و ركب. فشيعاه مرحلتين أخريين و رجعا. و انطلق سام متوجها( نحو مستقرّه ). [[تصنيف:الشاهنامة]] {{ويكيبيديا|زال}} o2vpuy9u6mmiak4cnh9e9l534il132l 407474 407459 2022-08-26T20:34:45Z 197.252.202.106 wikitext text/x-wiki == ولادة زال == قال كان سام بن نريمان بهلوان العالم فى عهد منوجهر. و كان يبتهل الى اللّه تعالى و يسأله أن يرزقه ولدا يكون قوّة لظهره، و قرة لعينه. و كانت له جارية فحملت منه. فلما أخبر بذلك شكر اللّه تعالى، و لم يزل يعدّ الليالى و الأيام، منتظرا طلوع صبح ما ارتجى، و حصول ما أراد و ابتغى. فولدت ولدا ذكرا كأنه القمر إضاءة غير أن شعره كان أبيض يشتعل شيبا كرءوس المشايخ الطاعنين فى الأسنان. فبشر سام بذلك. فلما رآه على تلك الهيئة استقبحه، و نفر عنه طبعه، و رفع رأسه الى السماء و جعل يدعو اللّه تعالى و يبتهل اليه، و يظن أنه لمعاصيه و ذنوبه ابتلاه اللّه فى ولده بتلك الهيئة القبيحة. و أمر به فأخرج إلى جبل ألبرز، و هو جبل عظيم من جبال الهند. و أصعد به الى ذلك الجبل، و ترك فى بعض شعفاته وحيدا. و كان على رأس الجبل معشش العنقاء. و كانت تطير فى طلب الرزق لأفراخها، فرأت ذلك الصبى فى مثل ذلك الموضع. فألقى اللّه تعالى فى قلبها محبة منه فجاءته و رفرفت بجناحها عليه، ثم حملته و حلقت به الى رأس الجبل، و وضعته بين أفراخها. فكانت تربيه مع أولادها حتى طالت عليه المدّة فى قلة ذلك الجبل، و ترعرع بين أفراخ العنقاء. و كانت القوافل تعبر تحت ذلك الجبل فوقعت أبصارهم على مولود إنسى بين أفراخ العنقاء فى شعفة الجبل == رؤيا سام حال ابنه == و رأى هو أيضا فى منامه ليلة كأن رسولا جاء على فرس كالبرق الخاطف فأعلمه أن ولده على بعض الجبال فانتبه و أحضر الحكماء و المعبرين و سألهم عن حال رؤياه. فعبروها على أن اللّه تعالى لما رأى جفاءك على ولدك حين أبعدته و نفيته و طرحته على بعض الجبال وحيدا فريدا تعطف برحمته عليه فرباه و وقاه، و هو حىّ يرزق. فتوجه الى الجبل و تضرع الى اللّه و تب اليه فانه يردّ عليك ولدك. ففعل ذلك و اقبل الى تلك الجبال يدور فى مخارمها و شعابها وحيدا. و يبكى و يتضرع الى اللّه و يسأله أن يرد عليه ابنه. قال: فألهم اللّه العنقاء أنه إنما يدور فى هذه المخارم و الشعاب لطلب ولده ذلك. فحلقت نحوه، و كانت سمته« دستان»، و قالت: ان أباك قد جاء. و هو يدور فى هذه الجبال محترق القلب، منسكب الدمع عليك. و قد ربيتك مثل أفراخى، و أنت أعز علىّ من روحى. و أرى لك أن أحملك بين جناحىّ الى أبيك. فانك ستصير ملكا من الملوك، و يعظم شأنك بين الخلق. و أنا أعطيك من جناحى ريشة. فاذا حزبك أمر مهم فأحرقها فإنى سأحضر للوقت و أقضى حاجتك. فحملته و حلقت به ثم رفرفرت حوالى سام، و وضعته بين يديه. فرأى شخصا قد أفرغ فى قالب الجمال، رشيق القدّ كالغصن المائل، صبيح الوجه كالبدر الكامل. فخر ساجدا للّه تعالى يعفر وجهه فى التراب، و يشكره على ما أكرمه به من ردّ ولده و قرة عينه عليه. و عاهد اللّه تعالى و أشهده على نفسه ألا يوحش بعد ذلك قلبه، و لا يضيق صدره. و أطلق لسانه بالثناء على العنقاء لحسن صنيعها مع ولده. ثم انحدر به من ذلك الجبل كالليث المشبل. و كساه قباء فكان ملأه رونقا و بهاء و عزا و سناء. فلما رأى العسكر ساما قد أسهل مع ابنه دستان رفعوا أصواتهم بالبشارات، و كاد الطرب يسلب عقولهم، و أقبلوا راجعين الى المدينة بالدبادب و البشائر. == اطلاع منوجهر على أمر سام و زال زر == فاستفاضت بذلك الأخبار حتى بلغ الخبر الى حضرة منوچهر. فأنفذ ابنه نوذَر الى سام للتهنئة بما يسر اللّه له من رجوع ولده اليه. و أمره بالركوب مع دستان الى الحضرة فى أسرع زمان، و أقرب أوان. فلما وصل نوذر الى سام خرج مبادرا و خيم بظاهر البلد فنجز أموره، و رتب أسبابه، و نهض مع دستان متوجها نحو الحضرة. فلم يزل يصل السير بالسرى حتى وصل الى مستقرّ سرير السلطنة. فخرج منوجهر لاستقباله فى مواكب جنوده، تحت أعلامه و بنوده. فلما رأى سام دِرَفْشه الميمون، و لواءه المنصور ترجل إجلالا، و قبل الأرض إعظاما و إكبارا. فأوسعه الملك برا و إلطافا، و أمره بالركوب. فسارا الى دار المملكة، و جلس على سرير الذهب، و أجلسه عن يمينه، و أجلس قارن عن يساره. و أمر الحاجب الكبير بإحضار دستان. فخرج و أخذ بيد دستان و أدخله على الملك مشدود الخصر بمنطقة مرصعة باليواقيت، معصوب الرأس بإكليل من الذهب، على كاهله جرز كقطعة من الجبل. و كأنه يحكى بذلك الرأس الأبيض و الوجه الأزهر، تحت إكليل الذهب الاحمر، صورة القمر بعد التسع و الخمس، متوّجا بعين الشمس. فملأ عين الملك بشكله و شمائله، و ما لاح فيه من أمارات العز و مخايله. ففرح بلقائه و شكر اللّه تعالى على ما رزقه من الاكتحال بوجهه، و الاستظهار به ليومه و غده، و قربه من بساطه و مسح عينه و وجهه بيده. ثم أقبل على سام و استخبره على أحواله و كيفية استنزاله من معشش العنقاء و شعفات تلك الجبال. فسرد لديه حكاية ن أوّل ميلاده الى يومه ذلك. == رجوع سام إلى زابلستان == فلما سمع الملك ذلك أمر بإحضار المنجمين و سايلهم عن طالع دستان و ما قدّر اللّه له من المقامات، و كتب على يده من الوقائع. فنظروا فى ذلك و تدبروا ثم جاءوا الى الملك مبشرين بسعادة طالعه، و يمن نقيبته. فسر الملك بذلك و أمر لهم بمال عظيم. ثم قال لسام: هذا وديعتى عندك، و هو علىّ أعز من إحدى عينى. و شرط عليه أن يعلمه بمكارم الأخلاق و آداب الملوك و مراسهم فى حالتى و الترحال، و السلم و القتال. ثم أمر له بخلعة راقت العيون و شرحت الصدور، من الدبابيج المنسوجة بالذهب و المرصعة بالجواهر الثمينة، بأطباق من اليواقيت و اللآلئ، و عدد من الخيول العتاق، و جماعة من روقة الغلمان الرشاق. و عقد له لواء عظيما، و وقع له بجميع ممالك الهند و السند و ما والاهما من الممالك. فتوجه الى تلك الولايات فى مواكب العز و الإِقبال ، و كواكب المجد و الجلال. == إعطاء سام الملك لزال == فاستقرّ بها على سرير الملك ينهى و يأمر حتى استنهضه الملك فى بعض المهمات السانحة، و هو استخلاص مملكة مازندران التى استولى عليها بعض العتاة المعاندين، و العداة المارقين. فدعا بابنه دستان و استنابه فى مملكته، و أمر أركان دولته و أعيان حضرته، بالتوفر على خدمته، و إقامة مراسم طاعته. و أمر الوزراء و النصحاء و من ندبهم لمنادمته و مجالسته من الكفاة الأذكياء، و العلماء الأتقياء، بتحريضه على مكارم السير، و تأديبه بمحاسن الشيم. ثم أذن له فى الطرد و الصيد متوجها حيثما أراد من أطراف المملكة. فودّعه و انحدر على مقتضى الامتثال الى أرض مازندران لما ندب له من استخلاص تلك الممالك و قتال من استولى عليها من المخالفين المعاندين. == قصة دستان و بنت مِهراب == === مجيء زال إلى مهراب الكابلي === قال فقعد دستان مقعد أبيه ينهى و يأمر، و يورد و يصدر. ثم إنه نهض متصيدا الى قرب أراضى كابل. و كان لتلك البلاد ملك يسمى مهراب. فلما سمع بقرب دستان منه ركب الى حضرته للخدمة، و استصحب من طرائف الجواهر و نفائس ما يليق أن يتحف به مثله من الملوك. فقبله دستان أحسن قبول، و قابله بأتم إحسان و إكرام. و كان مهراب ذا صورة عجيبة تستوقف الألحاظ و تستتبع الأحداق من شطاط قامة، و حسن وجه، و لين معطف، و أبهة جلالة، و طراوة منظر، و عذوبة منطق. فلما قام من حضرة دستان و خرج أقبل على أصحابه و ندمائه، و قال ما أحسن هذا الشاب. و إنه قد ملأ قلبى بمحاسنه و شمائله، و كأنه ما ولد قط مثله. فلم يزل يكرر هذا الكلام و نحوه حتى قال له بعض الندماء إن له وراء حجابه بنتا كالشمس الطالعة. و قد خلقت من طينة الجمال، و أفرغت فى قالب الكمال. بيضاء تسحب من قيام فرعها و تغيب فيه و هو و حف أسحم فكأنها فيه نهار ساطع و كأنه ليل عليها مظلم. فاستهام بها دستان، و شغفه حبها حتى ملك الغرام عنان قلبه، و استلبه زمان عقله. و جعل يتجلد و يخفى ما يجن و يضمر. فأبت لواعج همومه إلا الاشتغال، و سوابق عبراته إلا الانهمال. نعم و لما أصبح مهراب جاء الى باب سرادقه للخدمة. فبادر الحجاب و رفعوا دونه الحجب حتى دخل على دستان. فتهلل فى وجهه، و تلقاه بأريحيته، و لاطفه فى الكلام، و أمر برفع حوائجه، و وعده بإنجاح مطالبه، و إنجاز مآربه. فقال مهراب: إن حاجتى أن يتجشم الملك حضور منزلى لينوّره بإشراق طلعته مشرّفا عبده بذلك. فقال: أما هذا فلا سبيل اليه بدون أمر الملك سام. و اعتذر اليه، و خلع عليه. و ردّه الى داره على جملة تسر قلوب مواليه، و تسخن عيون أعاديه. === سؤال زوجة مهراب عن دستان و شمائله === فلما عاد مهراب الى داره سايلته زوجته عن دستان و صورته و شكله و حاله بمحضر من ابنته، و كانت تسمى روذابه فطفق مهراب يصفه و يذكر ما أعطاه اللّه من الصورة الجميلة و الشمائل المعسولة، و المنظر البهىّ ، و الرواء الأنيق. و قال: غير أن رأسه أبيض كالكافور، يرف شعره واردا على عارضيه كأوراق الأقحوان، على شقائق النعمان. فكأنه لا يصلح لحمرة وجهه، غير بياض شعره، و لا لبياض شعره غير حمرة خده. فجعلت روذابه تسمع ذلك بمجامع قلبها حتى أثرت لك الصفة فيها فتغير اصفر لونها. و ما أحسن ما قال بعض الحكماء: لا تصفوا محاسن الرجال، لربات الحجال. فانها تعلق بقلوبهن، و تأخذ من نفوسهن، و تفتح عليها مكامن الشيطان، فلا يكون للعقل بمقابلتها يدان. فعشقته روذابه، و حالفتها الأشجان حتى ملك الهوى عنان اختيارها، و فجعها بنومها و قرارها. === مشاورة روذابه جواريها === و لما عادت الى بيتها ضاقت ذرعا عن كتمان سرها. و كان لها خمس جوار يخدمنها و يحضنها مختصات بها. فأفضت اليهن بمكنون سرها، و مخزون أمرها. و أخبرتهن بما تقاسيه من لواعج الحزن، و لوافح الحب. فأنكرن ذلك عليها، و أطلقن ألسنتهن بالتوبيخ و التعنيف، و أخذن يخوّفنها سطوة مهراب، و يذكرون لها شدّة غيرته على الحرم. فخنقتها العبرات، و تصعدت من صدرها الزفرات. ثم أقبلت عليهن و قالت قد فنى منى الاصطبار، و خرج من يدى الاختيار. لم يبق لى الشوق لا صبرا و لا جلدا فليصبرن خلىُّ يملك الخَلدا فصارت لا تستأنس إلا بوصفه، و لا تستريح إلا الى ذكره. فلما أبصرن ذلك طفقن يعللن قلبها و يقلن: إنا سنتدبر فى شأنك و سنجمع بينه و بينك. === ذهاب جواري روذابه لرؤية زال زر === و كان معسكر دستان قريبا من قصرها. فلبسن وشائح الحلل، و تبرجن للألحاظ و المقل. و أخذت كل واحدة منهنّ على يدها طبقا من ذهب، و صرن الى بستان قريب منه على شط نهر، و جعلن يجتنين الورد و الياسمين و أنواع الرياحين، و ينضدن ما يجتنينه على الأطباق. و ذلك بمرأى من دستان. فأبصرهن من تحت السرادق و سايل عنهنّ . فقيل وصائف خرجن من قصر مهراب الى هذا البستان، يجتنين الورد و الريحان. فدعا بالقوس و النشاب و قام يتمشى بين تلك الرياض، و معه جماعة من صغار الغلمان الحصارية فلما قرب من الماء أزعج طيرا و رماه بنشابة فوقع الطير الى ذلك الجانب من الماء، بين أشجار الورد و الياسمين، عند الجوارى المذكورات. فأمر بعض الغلمان بالعبور الى ذلك الجانب و أخذ الطير. فلما عبر الغلام الى البستان سايلته إحداه عن الشاب. فقال الوصيف: هذا ابن ملك الهند، و هو كما ترين يروق العيون جمالا، و يملأ القلوب كمالا. و طالت مسارتهما. فضحكت الجارية و قالت للغلام: إن وراءنا فى الحجاب سيدة كالقمر ليلة التمام. و أخذت تصف صاحبتها له و هو يصغى الى ذلك. ثم رجع بالطير الى صاحبه فساءله عن الجارية و عما حاورته فيه. فسرد عليه ما جرى بينهما. فسر بذلك حتى تورّدت صفحات وجنته، و تهللت أساير جبهته. ثم رد الغلام الى الجارية و أمرها ألا تبرح من البستان إلا بإذن الملك. و دعا الخازن و أمره فأحضر قطعا من الجواهر النفيسة فأنفذها على يد ذلك الغلام الى الجارية، و أمرها أن تحملها الى صاحبتها، و بأن لا تبرح من مكانها حتى يحملها رسالة اليها. فقالت الجارية: إن كان للملك رسالة فلا يسمعنها غيرى. فان السر اذا جاوز اثنين لا يبقى مكتوما، و كان بالإذاعة قمينا. فتجشم الملك النهوض الى البستان، و خلا بتلك الجارية و باح اليها بمكنون سره، و أخبرها بما انطوى عليه قلبه من حب صاحبتها. === رجوع الجواري إلى روذابه === ثم رجعت الوصائف الخمس الى القصر، و بشرت تلك الجارية سيدتها بأن قلب الملك هائم بها، و أن وجده بها فوق وجدها به. و قدّمن الجواهر التى. أنفذها بين يديها. ففرحت بذلك و سرى عنها بعض همومها. ثم تردّدت الجارية بين المتعاشقين حتى تواعدا على الاجتماع. === ذهاب زال إلى روذابه === فلما جنّ الليل جاء دستان و وقف عند أصل القصر. و أشرقت عليه روذابه من بعض شرفاته، قال: و العهدة عليه: فسدلت قرونها و أشارت الى أن يتعلق بها و يصعد. فامتنع من ذلك و قبل تلك الضفائر الممسكة، و علق الوهق، و صعد فى أسرع من رجع الطرف. فاجتمعت الشمس و القمر، و طال بينهما الحديث و السمر، و باتا يتشاكيان حرّ الاشتياق، و يتفاوضان ذكر الفراق، فى مجلس فرش بالديباج و الحرير، و نضد بالمسك و العبير. نفحت نسايم السحر، و تشعشعت تباشير الصبح، و غردت سواجع الأطيار، و فى عذبات الغصون و الأشجار، قام دستان فودعها فتعانقا و تحالفا على ألا يقرب كل واحد منهما غير صاحبه حتى يجمع اللّه بينهما بالنكاح. فافترقا على ذلك و جاء الى مخيمه. === مشاورة زال الموبدان في أمر روذابه === فلما طلعت الشمس جمع الوزراء و الأمراء، و شاورهم، و أعلمهم بأنه و يريد أن يتزوّج بابنة مهراب. فقالوا إنه من أولاد الضحاك. و لا يخفى عليك ما بين البيتين من العداوة و الشحناء. و لا يرضى أبوك سام و لا الملك منوجهر، بأن يجرى بينكما امتزاج و اتشاج. و إن سمعا بميلك الى هذه المصاهرة احتدما غيظا، و صعب استرضاؤهما، و نعذر استعطافهما. فلما سمع ذلك أطرق محزونا مكتبئا. ثم أقبل عليهم و قال: لا بد من إعمال الفكر فى ذلك بما يفضى الى حصول هذا المقصود. فأشاروا عليه بأن يكتب الى أبيه و يتضرع اليه، و يعرض ما بلى به من العشق عليه. فلعله يرق قلبه و يتشفع الى الملك و يتوسل اليه بذرائع عبوديته، و شوافع خدمته، و يسأله إذنه فى مصاهرته تلك. === كتابة زال رسالة إلى سام و الإبانة عن حاله === فاستصوب هذا الرأى فأحضر الكاتب و أمره أن يضمخ كافور القرطاس بمسك الأنفاس، و يكتب الى حضرة ذلك الهزبر الهصور كتابا يفتتحه بالثناء على اللّه خالق الأمم، و بارئ النسم. ثم يثنّى بالدعاء بثبات دوحة الجلال، و جرثومة الإقبال، ليث الحفاظ، و غيث النوال، مفخر السيوف و الأرماح، و فاجع الأشباح بالأرواح. ثم يثلث بما بلى به قرّة عينه، و فلذة كبده من شغفه بالمخدّرة البابلية. ثم يذكره العهود التى أبرمها يوم استنزاله من معشش العنقاء فى إيثار ما يعود بطيب قلبه، و يقضى بخفض عيشه. ثم يستأذنه، بعد الإطناب و الإسهاب فى معنى خلوص عبوديته، و نصوع طاعته، فى المصاهرة المذكورة، و المواصلة المطلوبة. فكتب على تلك الجملة كتابا و ختمه بالمسك، و طير به راكبا الى مازندران الى حضرة سام. فلما وصل الرسول أخبر سام بقدمة فقرّبه من بساطه، فأوصل اليه الكتاب بعد تقبيل التراب، و إقامة شرائط الخدمة. ففض ختامه و قرأه، فأخذه الوجوم، و تناوشته الهموم. ثم أخذ يفكر فى السبيل الموصل الى ما خامر قلب ابنه من مواصلة آل الضحاك و مصاهرتهم. و رأى أن ذلك مما لا يرتضيه الملك منوجهر. === مشاورة سام الموبدان في أمر زال === فأحضر المنجمين و الحكماء و شاورهم فيما هجس فى ضمير ولده من ذلك، و أنه كيف يجوّز الحزم التغافل و التغابى عن الحقود الدفينة، و الحسائك القديمة. و قال لهم: تدبروا فى ذلك الأمر، و استدلوا بطالعيهما على ما فيه من الخير و الشر، و استعينوا على ذلك ببصيرة العقل و قوّة الفهم، و استشفوا ستر العواقب، و طالعوا مرآة الغيب بالآراء الثواقب. ثم أعلمونى نتيجة ذلك. و أذن لهم فقاموا و التجئوا الى الزيجات و التقاويم، و تشمروا للنظر السديد و الرأى القويم. حتى وفقوا على الأمر المكنون، و السر المخزون. ثم جاءوا الى باب الملك مبشرين بسعادات دلت المخايل على ظهورها، و آذنت تباشيرها بطلوعها. و أخبروه أن اللّه أجرى قلم التقدير فى اللوح المحفوظ باقتران السعدين، و اجتماع النيرين بتواصل البيتين، و أنه يولد بينهما ولد يملأ الدنيا مهابة و قهرا، و شهامة و فخرا، و يرفع تاج السلطان، الى أوج الكيوان. و يطهر بساط الأرض عن أهل البغى و الطغيان، و تشتعل به نار ملوك الفرس حتى تمدّ باعها الى ذروة السماك، و يضرب لهم رواق المجد على مفرق الأفلاك. فلما سمع سام ذلك من المنجمين أخذته أريحية الطرب، و تمشت فى رأسه نشوة الفرح. فأفاض على أعطافهم الخلع الرائقة و أجزل لهم الأعطية و المنح الوافرة. ثم دعا برسول ولده دستان و أمره بالرجوع إليه. و ردّ اليه، أنا نتوصل الى قضاء حوائجك، و نسعى فى إنجاح مطالبك. و نهض الى حضرة السلطان لاستذانه فى إنشاء هذه المصاهرة، و تنجيز هذه المواصلة. و أمر بأن ينادى فى العسكر بالرحيل و التوجه الى مستقر سرير الملك، بعد ما كفاه اللّه تعالى ما اهتم به من العدوّ ، و أنعم عليه بالظفر و النصر و النجاح و الفوز. == ذكر انكشاف حال روذابه عند أمها و أبيها و اطلاع الملك على ذلك == === اطلاع سيندخت على أمر ابنتها روذابه === قال: فرجع الرسول الى حضرة دستان، و أعلمه أن أباه تقبل له بإنجاح المأمول، و إطلاب المقصود. فدعا بعجوز كانت تتردّد بينه و بين روذابه، و أنفذها اليها و أصبحها الرسالة التى عاد بها الرسول من عند أبيه. فدخلت عليها و بشرتها بذلك. فتخايلت من الفرح و تهللت من المرح، فأمرت لها بخلعة من القصب منسوجة بالذهب. فلما خرجت من عندها رأتها« سين دُخت » أم روذابه. فاسترابت بها، و أمرت بالقبض عليها، و استكشافها عما وراءها. ففزعت العجوز و تعلقت بأذيال الأكاذيب، و تمسكت بأهداب المخاريق. فما وقع ما ذكرته عندها موقع القبول. و أمرت بتفتيش ما اشتمل عليه إزارها. فعثروا على تلك الخلعة الفاخرة. فشدّدت حينئذ على الخبيثة الفاجرة، و أغلقت جميع الأبواب، و طفقت تلطم الورد بالعناب، و تفض من النرجسين عقود اللؤلؤ المذاب.و دخلت على بنتها و أخذت تخاطبها بلستان اللوم و التعنيف و العذل و التوبيخ على طرحها قناع الحياء، و تدرّعها ملابس الفحشاء. و تؤاخذها بإلباس العجوز الشوهاء، ملابس الخريدة العذراء. فما أجابتها إلا بالإطراق و رمي الأرض بالأحداق. فلما طالت مطالبتها لها باظهار حالها، و إعلان سرها تنفست الصعداء، و أسبلت من محاجرها الدماء، و فضت ختام سرها و ذكرت لها شغفها بابن الملك، و اجتماعهما فى تلك الليلة، و ما جرى بينهما من المعاهدة و المحالفة على الازدواج و الامتزاج و الأخذ فيما يفضى اليه من السعى البليغ و الجهد الأكيد. و أخبرتها بأنه قد كتب فى المعنى الى أبيه سام، و أنه رد اليه فى جواب كتابه أنى أنهض الى حضرة الملك منوجهر و أستأذنه فى ذلك توخيا لما يرتضيه، و انقياد لما يبتغيه. فلما سمعت ذلك سين دخت خفضت من غلوائها قليلا، و كفكفت من طغيانها حتى عاد حدّه كليلا لميلها الى مصاهرة ابن الملك و الاتصال به رغبة فيه لمكانه و علوّ شأنه. ثم اعتذرت الى تلك العجوز و طيبت قلبها، و أمرتها بإسبال الستر على ما جرى من الإساءة. و دخلت الى قصر مهراب و اضطجعت فى موضعها و تتفكر فى عاقبة الأمر و وخامته. === اطلاع مهراب على أمر ابنته روذابه === فدخل مهراب فرآها نائمة على غير العادة المعهودة، منزعجة قد تورّست صفحات خدّها بردع الألم، و تردّدت فى محاجرها عبرات الهم و الحزن. فاستخبرها عن حالها فما أجابت إلا بما نبت عنه مسامعه، و استبعدته ألمعيته. فألح عليها فى إظهار ما انطوى عليه سرها، و بث ما استجنه ضميرها. و استمرت على المدافعة عن إطلاعه على حقيقة الحال، و الإفصاح عنها بصدق المقال. فلم يزل يعيد عليها السؤال حتى شرحت لديه الحال. فلما وقف على ذلك مهراب تضرمت نيران غيرته، و وثب كالليث المحرج الى السيف متوجها نحو البيت. فنهضت زوجته و تعلقت به. ثم قالت: إنىئأعرض عليك رأيا فان كان من الصواب قريبا قبلته و إلا مضيت على غلوائك، و مقتضى رأيك. فتوقف ساعة. فقالت: إن هذا الأمر قد شاع و إن دستان قد كتب بذلك الى أبيه سام و رجع الرسول اليه مخبرا بأنه نهض من مازندران متوجها الى حضرة السلطان ليستأذنه فى الخطبة اليك. و سردت عليه جميع ما جرى من المراسلات و المكاتبات. فلما سمع مهراب ذلك خفض قليلا، و مال الى جريان الاتصال بين الدولتين، اعتضادا للبعض بالبعض من الجانبين. === معرفة منوجهر حال زال و روذابه === قال فاطلع منوجهر على الحال و أنهى اليه أن ابن سام يريد الاتصال ببنت مهراب، و أن أباه متابع على ذلك، و مصمم على النهوض الى حضرته لاستئذانه. فاحتدم و استشاط غضبا، و جمع وزراءه و قوّاده ، و فاوضهم فى ذلك. و قال: أخاف أن يكون تحت هذا الرماد جمر يثور منه دخان. و قد علمتم أن أفريدون كم تجرّع غصص المكاره حتى استأصل شأفة الضحاك. و اذا حصل بين ابن سام و بنت مهراب التى هى شعبة من الدوحة الضحاكية تزاوج أمكن أن يحصل بينهما ولد يكون له صغو الى أمه، فتحدّثه نفسه بإحياء بعض سنن البيت، فيتفاقم الأمر و يعضل الداء. و الحزم ألا يفتح له طريق الى هذا، و لا يمكن من السؤال فى ذلك المعنى. فاستصوبوا رأيه و أثنوا عليه. == مجيء سام إلى منوجهر == فلما قدم سام استقبله على العادة المعهودة، و تلقاه بالإعظام و الإجلال، و البر و الإِكرام ، و أنزله على جملة الاحترام. فلما كان من الغد جاء برسم الخدمة الى باب الملك فرفع دونه الحجب، و تلقاه الملك بالبشر و التهلل، و سايله عما قاساه من محاربة شياطين مازَندران و مكافحة أسود كركساران و ما لاقاه من مقاتلتهم و معاركتهم. فأخبره بما جرى له من أوّل نهوضه الى أن فتح اللّه عليه تلك البلاد. و ذكر له ما تيسر من قتل ملكهم الذى كان من أولاد سلم بن أفريدون. و أعلمه أنه قد صفت له تلك المملكة و انضمت الى جملة ممالكه. فلما أنهى حديثه أثنى الملك عليه و شكر سعيه. ثم دعا بآلات مجلس الأنس، و اشتغلوا بالقصف و الطرب، و تعاطوا أقداح اللهو و الفرح. حتى استباحت عقولهم الكئوس، و ثقلت من فضلات الراح الرءوس. استأذن حينئذ سام للقيام، و رجع الى مضطجعه. فلما أصبح ركب الى خدمة الملك ليعرض بذكر ولده زال، و يستأذن له فى معنى الاتصال ببنت مهراب. فلما دخل على منوجهر رآه كالمغتاظ محتدما كالنار. فافتتح و قال لسام: إنا تدبرنا فى أمر مهراب و أنه شعبة من تلك الجرثومة الخبيثة و لا بدّ من قلعها و استئصالها. و قد اقتضت آراؤنا أن تنهض لكفاية أمره، و استصفاء مملكته، و استضافتها الى ما فى يدك من ممالك الهند. فلما رأى سام أن الملك قد سدّ عليه طريق ملتمسه كف لسان سؤاله، و سارع الى الانقياد، و تشمر لما جرد فقبل الأرض فخرج متوجها نحو ممالك الهند. == ذهاب سام لحرب مهراب == فتناهى الخبر بذلك الى زال و مهراب، و قامت القيامة على مهراب و أصحابه و يئسوا من الحياة. و ضاقت الأرض على زال لأنه كان السبب فى إيقاد نائرة الفتنة. و توقد من الغيظ متنمرا كالثعبان الصائل. حتى قال يوما: إن مهراب نسيبى و هو معتضد بقوّة باسى و شدّة مراسى، و لا يقدر العقاب أن يطير على ساحة مملكته ما دام هذا الرأس على جسدى، و استقر هذا الصمصام فى يدى. ثم جاء الخبر بمقدم أبيه فخرج للاستقبال فى مواكبه. فلما طلعت رايات أبيه ترجل للخدمة، يتلقى الأرض بيده، و يلثم التراب بفيه. فأركبه أبوه و عانقه و مسح بيده غرته. فسار تحت أعلامه حتى نزل فى إيوانه. فجلا به فى الوقت و أخذ يبث اليه شكوى الحال، و ما قاساه مدّة مفارقته من الأشواق اليه، ثم ما أصابه من رسيس الوجد و حرقة الغرام. و أذكره معاهدته إياه على مواتاته فيما يطلب و يقترح، و معاونته فيما يعرض من مآربه و يسنح، و تنكبه عما يعود بضيق صدره، و يقضى بشغل قلبه. و كأنك الآن لم تقدم من مازندران إلا على ما يوغر صدرى، و يوحش قلبى، و يفجع بروحى شخصى. لما أنت عليه مصمم من محاربة مهراب، و تخريب دياره، و انتهاب خزائنه و رغائبه. فان كان الأمر على هذه الجملة فها أنا واقف بين يديك، مسلم زمام قيادى اليك. فخذ رأسى أوّلا ثم خض فى محاربة مهراب ثانيا. فرق عند ذلك من سام قلبه، و لانت صفاته، و طفق يعلل قلب ابنه بالأمانى. و قال له إنى أنفذك الى خدمة الملك، و أكتب اليه كتابا أستعطفه و أسأله الإنعام عليك بما يفضى الى إنجاح مآربك، و قضاء حوائجك. == ارسال زال رسولا إلى منوجهر == فاستحضر الكاتب و أمره أن يكتب مفتتحا بحمد اللّه خالق النجم و الشجر، و منوّر الشمس و القمر، المتصف بالقدم، المسلط على الوجود يد العدم. و مثنيا بالثناء على الملك الجليل ناعش التاج و التخت، و مالك الشرق و الغرب. ثم قال إنه لا يخفى على آرائه العالية أنى قد طعنت فى السن و تلفعت برداء الشيب، و ضعف كاهلى عن حمل أثقال السلاح، و وهت منتى عن إعمال السيف عند الكفاح. ثم أخذ يُدل فى كتابه بحرمانه السالفة، و حقوقه الثابتة، و مقاماته المشهورة، و وقائعه المذكورة، و نكاياته فى أعادى دولته، و مخالفى كلمته، و يصف ما لاقاه فى محاربة سعالى مازندران، و عفاريت كركساران و يذكر أنه جعل ولده دستان ولى عهده فى عبودية الملك و كفاية، ما يحدث من مهم يحتاج فيه الى قوّة باس، و شدّة مراس، و أنه قد نفذه الى حضرة الملك حتى يكتحل بالطلعة الميمونة و يمثل فى زمرة العبيد. و بعد ذلك لا يخفى على ألمعية الملك أنه و إن كان بقوّة أعضاده يدفع فى نحور الآساد، و يضعضع أركان الأطواد، فهو ربيب الطير. و من أجل ذلك هو رقيق القلب. و كأنه قد رأى بنت مهراب فملكت قلبه، و سلبته عقله. فهو أسير فى يد الغرام، منفجر الدمع مثل الغمام. نومه غرار، و دموعه غزار. و قد وفد الى حضرة الملك ملتجئا الى عاطفته، و مستعيذا بظل رأفته. راجيا أن ينعم عليه بالإذن فيما يروم. و ختم الكتاب بالدعاء و الثناء، و دعا بدستان و دفع اليه الكتاب. و أمره أن يتوجه الى خدمة الملك منوجهر فركب يطوى الأرض كالبرق الخاطف، حتى وصل إلى مستقر الملك منوجهر على ما سيأتى ذكره إن شاء اللّه تعالى. == ذكر إرسال مهراب زوجته سين دُخت و السبب فى ذلك و غضب مهراب على سين دخت == قال و لما شاع فى بلاد كابل أن منوجهر أمر ساما بالنهوض اليها لتخريبها و استصفاء حصونها و قلاعها، و استفاضت به الأخبار اهتاج مهراب و طار واقعه، و أقضت مضاجعه. فالتهب مستشيطا، و دعا بزوجته سين دخت، و شكا اليها ما ابتلى به من شؤم بنتها و قبح فعلها، و أنه بسببها قد ظهر الشر الكامن. و تحرّك العرق الساكن. و أوعد بقتلها مع بنتها متوسلا بذلك الى استعطاف الملك منوجهر و استرضائه فلعله يكف عن غلوائه، و يمسك عن محاربته، و انتزاع ممكلته من يده. فالتجأت الى إعمال الحيلة، و إجالة الفكر فيما يقضى لها بالنجاة من تلك المصيبة. فنهضت خائفة ترجف أحشاؤها، و باتت بليلة أنقد، تأبى مزعجات الخوف أن تغفو و ترقد. فلما أصبحت دخت لعى زوجها و قالت إن هذا الأمر لا بد من تلافيه، و مقتضى الحزم التشمر فيه. فإنه ما عز أمر إلا هان، و لا تصعب ريض إلا استقاد و لان. و كذلك ظلام الليل و ان أرخى سدوله، و سحب على النواظر ذيوله، فلا بدّ من انفراجه بطلوع الصبح و ابتلاجه. و الرأى أن أنهض رسولا إلى سام، و أستل هذا الحسام، و أستعطفه و أستلين عريكته، و أطفئ هذه النائرة، و أسكن الفتن الثائرة. و اذا خاطرت أنا بالروح فلا بدّ لك من المساعدة بالمال. فاستصوب مهراب رأيها و رضي لها بالبروز، و سلمت اليها مفاتيح الكنوز. و أطلق يدها فى جميع تلك الرغائب، و الذخائر و الحرائب. فقالت لا آمن، اذا غبت، على روذابه من بائقة غضبك، و بادرة سطوتك، و لا يمكن خروجى إلا بعد الاستظهار منك بعقود محكمة، و مواثيق مبرمة، على كف عاديتك عنها. ففعل ذلك. ثم تشمرت للنفود فى ذلك و فتحت أبواب الخزائن، و أخرجت ثلاثين ألف دينار برسم النثار، و عشرة من الخيول المذكورة، و ثلاثين رأسا غيرها من العراب الجياد، و خمسين وصيفا كالأقمار الطالعة، مشدودى الأوساط بمناطق الجواهر الرائعة، و ستين وصيفة كأنهن ضرائر الحور العين، على يد كل واحدة جام مملوء من المسك الفتيق، و العنبر السحيق، و أربعين رزمة من الوشائع و الرومية و الدبابيج التسترية، و مائة قطعة من السيوف الهندية، و الصوارم المشرفية، و مائة ماقة حمر الأوبار هدل الشفاه قوالص الأشفار، و مائة بغلة كأركان الجبال برسم الأحمال، و تاجا من الذهب محلى بزهر الجواهر، كالشمس المنقطة بالنجوم الزواهر، و تختا يشبه الفلك الدّوار ركبت فيه يواقيت تخطف الأبصار، و أربعة من الفيلة الهائلة التى تضرب وسط الحروب بالأسداد، و تزاحم مناكب الأطواد. == سام يحسن إلى سين دخت == قال: فلما أعدّت استعدّت و ركبت منطلقة نحو حضرة سام فلم يحس بها أحد حتى حلت بفنائه. فسألت الحجاب أن يعلموا ساما بوصول رسول من عند ملك كابل. فلما أخبر سام بذلك أمر أن ترفع دونها الحجب. فدخلت و قبلت الأرض، و مثلت بين يديه. و كانت قد أمرت أن تصف الهدايا صفوفا و بأن يقدم الواحد منها بعد الواحد بين يدى سام. ففعل ذلك و أعجبته تلك التحف بكثرتها، و جميل هيئتها. و جعل يتعجب من إنفاد مهراب إياها على يدى امرأة و يقول فى نفسه: إن قبلت هذه التحف و علم بذلك منوجهر لم آمن عواقب سخطه. و إن لم أقبلها و سمع بذلك دستان تنمر فطار واقعه، و هاج وادعه. فوقع له أن يسلموا تلك الهدايا و التحف إلى خازن ابنه دستان. فلما رأت العقيلة الكابلية أن ساما أمر بقبول مستصحباتها تهللت فرحا. و كانت معها ثلاث وصائف على يد كل واحدة طبق مشحون من الياقوت و الزبرجد فأمرتهن فنثرنها تحت قدم سام. ثم أخلى المجلس لأداء الرسالة. فتقدّمت نحو بساطه، و أطلقت لسانها بالثناء. و قالت أيها الملك: إنه لا تتعلم مكارم الشيم إلا من أخلاقك، و لا يهتدى الى طريق المحاسن و المآثر إلا بإشراق أنوارك. و أنت الذى يفرج برأيك رتاج كل أمر، و يغلق بعدلك باب كل شر. و لا يخفى عليك أن البرىء لا يؤاخذ بذنب المجرم، و أن المحسن لا يقابل بجزاء المسيء المذنب. و إذا أساء الضحاك الذى ذاق وبال ظلمه، و استوخم عاقبة فعله فأنَّى تجوّز المعدلة الفائضة، و المرحمة الشاملة أن يعاقب لإساءته مهراب الذى هو غرس نعمتك، و تراب قدمك، و لم يسلك منذ تصدّى لسلطنة كابل غير طريق طاعتك، و منهج عبوديتك. نعم و إن كان قصد الملك لبلاده من أجل الدين فإن إلهنا و إلهكم واحد، لا خلاف بين الطائفتين فيه. غير أن قبلتنا التماثيل و الأصنام، و قبلتكم الشمس و النيران. و على الجملة فأنت تعلم أن سفك الدماء لا يستحسن، و أن مؤاخذة غير المجرم عند الملوك تستهجن. فلما سمع سام ذلك أقبل عليها و سايلها عن حالها أ هي زوجة مهراب أم مستخدمة له؟ ثم سايلها عن حال روذابه وصفتها و عن مبدأ السبب فى هيمان ولده بها. فقالت إذا وثقت من الملك بمعاهدته إياها على ألا يرصد لها و لا لصاحبها بالغوائل، و لا بقصدهما قصد العدوّ المخاتل، أطلعته بصدق المقال على جميع الأحوال. فصفق بيده على يدها، و حالفها على ذلك. فقامت سين دخت و قبلت الأرض، و قالت أما أنا فانى، مع انتسابى الى الدوحة الضحاكية، صاحبة مهراب و والدة روذابه التى ملكت بجمالها و كما لها قلب ابنك دستان. و نحن كلنا عبيد حضرتك، و المنخرطون فى سلك خدمك. نسأل اللّه تعالى دوام ملك و ثبات دولتك. و إنما باشرت بنفسى هذه الرسالة لأعرف رأيك فى أهل كابل. فان كنا نحن من المجرمين، أو لا نليق بالملك فى تلك الأرضين جريت فينا على مقتضى رأيك. فسيفك محكم فى رقابنا. و لا ينبغى على ذلك أن تتعرّض بمكروه لأهل كابل الذين لم يجترحوا ذنبا، و لم يقترفوا جرما. فلما علم سام صدق مقالتها، و نصوع طويتها فى الطاعة أقبل عليها و قال إن المعاهدة بيننا قد سبقت آنفا. و لست عن مقتضاها أحيد، و لو قطع منى الوريد. حوا آمنين فى مراتع عيشكم، و اطمئنوا وادعين فى ظلال أمنكم. فانى مظاهر ولدى على هذه المصاهرة و المواصلة. و إن كنتم من أهل بيت آخر فإنكم من أهل الملك، و من أصحاب التاج و التخت، و ولادة الأمر و النهى. و لكن جرت عادة الأيام بتقلب الأحوال. و العاقل يعلم أن لأدوار الدول أطوارا، و أن فى مسالك الحظوظ أنجادا و أغوارا. فمن ناقص ينمو نموّ الهلال، و كامل ينقص كالقمر بعد الكمال، و مصير الكل الى الزوال. و إنى قد كتبت الى الملك منوجهر كتاب تضرع و ابتهال، و نفذته الى حضرته على يدى ولدى زال. و قد حلق نحوه طائرا بقوادم العجلة، حتى كأنه حين ركب لم تحوه دفتا سرجه، و لم تمسس التراب حوافر خيله. و سيردّ الملك، إن شاء اللّه ، عنانه منعما علىّ بانجاح أمه، و قضاء وطره. فرأت سين دخت حينئذ مباسم سام عن الرضا متبسمة، و أسارير جبينه بالريتاح متهللة. فطيرت فارسا الى مهراب مبشرا بما حصل من استرضاء سام، و رجوعه الى خطة الموافقة، و مخبرا بما فى نفسه من المساعدة على المصاهرة. ثم جاءت صباح اليوم الثانى الى سام و استأذنته فى الرجوع الى دار ملكها، و مقرّ عزها، للاشتغال بإعداد أسباب العرس الميمون. فأذن لها فى المعاودة. و أمر لها بخلعة تليق بمكانتها و جلالتها. و وهب لها جميع ما كان له فى بلاد كابل من الدور و القصور و الخيل و النعم، الى غير ذلك من أن أنواع النعم. و تصافقا ثانيا متقبلا روذابه لولده دستان، قولا يصدّقه الوفاء و وصلا يشايعه البنون و الرفاء. و قال لها: لن تراعوا بعد يومكم هذا. فودعها و سرحها راجعة و أنفذ فى خدمتها أميرا كبيرا فى مائتى فارس، يصحبها الى أن تطأ عرصة مملكتها، و تعود الى معرّس دولتها. == ذكر وصول زال الى حضرة منوجهر == === مجىء زال بكتاب سام الى منوجهر === قال فجاء الخبر الى منوجهر بوصول زال فاستقبله، أعيان القوّاد ، و أمراء الأجناد، و لما قرب من السرادق رفعت دونه الستور حتى دخل. فلما وقعت عينه على الملك قبل الأرض، و وضع جبهته على التراب، على رسمهم فى الخدمة. و بقى كذلك ساعة. فأشار الى من رفع رأسه من الأرض و قرّبه الى التخت فلا لاطفه فى خطابه، و سايله عن حاله، و ما تحمله من وعثاء السفر فى حله و ترحاله. فقال كل تعب يقضى الى لقائك فهو راحة و سرور، و كل عناء يقع فى الطريق اليك فهو مسرة و حبور. فتناول منه الكتاب فتبسم لما قرأه مستبشرا متهللا. ثم أقبل عليه و قال: حملت قلبك هما طويلا، و ألزمت نفسك عناء عظيما. و لكن العزم بسبب هذا الكتاب الذى كتبه ذلك الشيخ الكبير، و إن كان صدرى بما فيه يضيق، ألا تسدّدون مرادك الطريق. و سأقضى لك جميع حوائجك، و أحقق جميع مآربك، و مدّوا السماط. فلما طعموا و رفع مالوا الى مجلس الأنس و الطرب، و تعاطوا كئوس الرحيق. و لما ثمل دستان نهض فأركب مخيمه. و لما أصبح عاودا الخدمة فأثنى عليه الملك حين شاهده، و حين ثنى عنانه و فارقه. == البحث في طالع زال من قبل المنجمين == قال: فأمر بمجمع العلماء و الحكماء و من تبحر من المنجمين، و أمرهم بالبحث فى طالع زال، و التنقيب عن سر الفلك فى أمره، و عما يؤول اليه حاله فى مصاهرته تلك. فلبثوا ثلاثة أيام يعملون دقائق النظر، و ثواقب الفكر، فى تطلب علم ما وارثه ستور الغيب. ثم جاءوا الى باب منوجهر و قالوا أيها الملك: إنه قد ظهر لنا على مقتضى الأحكام السماوية، و أسرار الأجرام العلوية أن يولد بين ابن سام و بنت مهراب ولد كبير القدر، رحيب الصدر، طويل النجاد، طلاع الأنجاد، و يكون غمر الرداء، واسع العطاء، مخصوصا بشدّة القوّة ، و ضخامة الجثة، و طول المدّة . تكاد هيبته تمنع العقاب الكاسر أن يطير حواليه، و الأسود السود أن تزأر بين يديه. اذا لمعت بوراق سيفه فى اللقاء تدفقت شآبيب الدماء. يشدّ وسطه فى هذه الممالك لخدمة الأملاك، و يرفع قواعد مجدهم على ذرى الأفلاك. فلما سمع الملك ذلك أمرهم بإخفاء السر، و دعا بزال ليجرّب عقله و فهمه بمساءلته عن مسائل غامضة، و إشارات خفية. فأحضر كل موبذ كان بحضرته و عقد مجلسا عظيما، و أحضر زالا فأمرهم أن يباحثوه و يسايلوه المسائل التى سئل عنها زال و ما ذكر فى جوابها == امتحان الموبذان زال == قال فتصدّى موبذ و سأله عن اثني عشرة شجرة جذب بأضباعها السموق، و مدّ من أعضادها البسوق. قد تشعب من كل واحدة ثلاثون غصنا لا يرى الفرس فيها زيادة و لا نقصا. و سأله آخر عن فرسين: أحدهما أشقر كالنار و الآخر أدهم كالقار. لا يزالان يتراكضان، يتعاقبان و لا يتسابقان. و سأله آخر عن ثلاثين فارسا يعرضون على السلطان، اذا عبروا نقص منهم واحد، و اذا رجعوا فلا ناقص و لا زائد. و سأله آخر عن روضة معشبة يرف نباتها فى رونق الغضارة، و تروق العيون بالبهجة و النضارة. ثم ينحى عليها ذو منجل يُنزل بساحتها مكروه الخطب، و يجمع فى حصدها بين اليابس و الرطب. و سأله آخر و قال: شجرتان من بواسق الأشجار، ثابتتان فى البحر الزخار، على كل واحدة منهما وثَر لطائر يصبح على إحداهما و يسمى على الأخرى. اذا طار من هذه تساقطت أوراقها، و اذا وقع على الأخرى راق العيون إيراقها. فتكون الأولى ناضرة على الدوام، و الثانية ذابلة مدى الأيام و سأله آخر عن بلدة طيبة حصينة فى ذروة جبل، تركها الناس و عمدوا الى أرض تنبت القتاد، فأرسوا بها الأوتاد. و بنوا بها الدور، و شيدرا فيها القصور. و تناسوا تلك البلدة الطبية. فبيناهم كذلك إذ خسفت بهم أرضهم، و قامت عليهم القيامة، و حالفتهم الحسرة و الندامة. فقيل لزال: إن أبرزت هذه الكنوز، و أو صخت هذه الرموز كنت العالم الخبير، و أثرت من التراب العبير == إجابة زال الموبدان == فأطرق ساعة ثم رفع رأسه و أعاد تلك المسائل. ثم قال: أما الشجرات الاثنتا عشرة فهى عدة الشهور مع الأيام، على تعاقب الأزمنة و الأعوام. و أما الفرسان فهما الملوان يتعاقبان و لا يتسابقان. و أما أعداد الفرسان، و ما يظهر فيها من النقصان، فذاك إشارة الى نقصان الشهر و أنه تارة يكون تسعا و عشرين، و تارة ثلاثين. و أما الشجرتان اللتان عليهما معشش الطائر فإن العالَم من وقت حلول الشمس فى برج الحمل الى أن تبلغ الى الميزان يتبرج كالخريدة المعطار، فى حلى الرياحين و حلل الأزهار. و من حين حلولها العقرب الى أن تحل الحوت يقبع بين إسحاق الحِداد ، و أطمار السواد. فالشجرتان كنايتان عن عضدى الفلك الدوّار ، و الطائر عبارة عن الشمس الباهرة الأنوار. و أما البلدة الطيبة فهى دار القرار، و منزل الأبرار. و الأرض التى آثروها عليها فهى الدنيا قرارة الأكدار، و معرّس الأخطار. تناهبك مدارج الأنفاس، و تضرب فى انصرام عمرك الأخماس فى الأسداس. بينا أنت الى نعيمها راكن، و فى ظلالها وادع ساكن، إذ تزلزلت من تحتك، و أمطرت مكارهها من فوقك، فسمعت الأفلاك تنشدك فى ذاك الإنسان، و إن طاول الكيوان، فليس يصحبه منها غير ستره تحت حفرة. فإن اكتسب فيها الذكر الجميل، أحرز هنالك الأجر الجزيل. و إن زرع العدل و الإحسان، حصد الروح و الريحان. ثم إن صاحب المنجل كناية عن الأجل يحصدنا كحصد النبات، فيأتي على البنين و البنات، سواء فى مكروهه الشيب و الشبان، و الفروع و الأغصان. == زال يظهر مزاياه أمام منوجهر == قال: فلما رأى منوجهر استخراجه لتلك الرموز الخفية و الأسرار المبهمة تهلل مستبشرا و ارتاح مبتهجا، و جلس فى مجلس عظيم قد فرش بالديباج و الحرير، و طيب بالمسك و العبير. و دعا بدستان و سائر القوّاد . و تعاطوا كئوس الرحيق. فلما تورّدت وجناتهم، و تمشت فى مفاصلهم نشواتهم، قاموا متمايلين الى مضاربهم. و لما أصبح زال عاود الخدمة و استأذن الملك فى عوده الى أبيه. و ذكر أنه قد برحت به اليه الأشواق، و استنفد صبره الفراق. فقال له الملك تلبث عندنا هذا اليوم. فمازحه و قال إن الذى يزعجك حب ابنة مهراب، و النار تأبى إلا الالتهاب. فأمر العسكر فلبسوا السلاح، و جردوا الصفاح، و اعتقلوا الرماح. و برزوا الى الميدان، يتلاعبون بالسيف و السنان، و يتساجلون فى الضراب و الطعان. قد نصبوا الأغراض، و تعاطوا التوتير و الإنباض. فمسخ زال معاطف قوسه و أطلق نشابة نحو شجرة عظيمة كانت بين يديه فمرقت منها. ثم أتبعها بأخرى راكضا فرسه فنفذت فيها كمثل الأولى. ثم اصطف العسكر من الجانبين و زحف بعضهم الى بعض يواترون بين طعن و ضرب. و كان زال مطلا عليهم ينظر اليهم. فرأى فيهم فارسا يغلب الأقران، و لا يتهيب السيف و السنان. فصمد صمده، و قصد قصده. و أنشب فى معاقد منطقته مخالبه و قطرة عفيرا. فرفع الناس صياحهم، و قالوا ما من فارس مقدام نعرّض هذا الغضنفر له إلا و أمه ثاكلة. و هيهات أن تلد الضراغم مثله أو يلاقى الملاحم و الوقائع شكله. فليهن ساما أن يخلفه هذا البطل الجسور و الليث الهصور. و أثنى عليه منوجهر فى جميع الأمراء و القوّاد . و رجع الى الإيوان فخلع عليه خلعة تليق بمثله مضافة الى التاج و التخت و السوار و الطوق الى غير ذلك من الثياب الرفيعة، و الخيول العتيقة، و الغلمان الرشيقة. == جواب منوجهر إلى سام == و أمر بأن يكتب جواب كتاب سام، و يعلم فيه أنه قرّ عين الملك بطلعة زال و لقائه و انشرح صدره بمحاسن آدابه. و أنه تقدّم بإنجاح جميع مطالبه و قضاء مآربه. فخرج زال بالطائر الميمون، و الطالع المسعود. و قدّم فارسا الى حضرة أبيه ليعلمه بإقباله منصرفا من حضرة الملك منوجهر، و يبشره بما قابله من الإنعام و الإعظام، و أفاض عليه من المنن الجسام. فلما بلغ الخبر بذلك الى سام دبت فى معاطفه دواعى الطرب حتى كأنما عاد شبابه النضير بعد أن جلله القتير. فأرسل فارسا الى مهراب ليعلمه بالحال و يبشره بما أنعم به الملك منوجهر، و يعلمه بأنه منتظر قدوم ولده، و أنه اذا وصل بادرنا الى فنائك، و استسعد بلقائك. فلما بلغ الخبر بذلك الى مهراب كاد يخلع روحه على البشير و يطير من الفرح و السرور. و دعا بزوجته سين دخت و شكر سعيها و قال: إنك قد أعلقت يدك بشجرة من شجرات المجد، و اتصلت بجرثومة من جراثيم الملك. فتأهبى للأضياف الكرام، و أعدّى أسباب الإكرام و الإعظام. و سلم اليها مفاتيح الخزائن، و أطلق يدها فى تلك الدفائن. فقامت و دخلت على بنتها روذابه و بشرتها بعلو جدّها و سعادة طالعها. فدعت لها بطول البقاء، و دوام المجد و السناء. و قالت: سأجعل تراب قدمك على مفرق رأسى إكليلا، و أتخذ من رأيك الى جميع السعادات هاديا و دليلا. قال: فأقبلت سين دُخت تزين الدور، و تنجد القصور. فزينت مجلسا مذهبا و فرشت فيه. بساط منسوجا من الذهب موشحا باللؤلؤ و الزبرجد. و نصبت تختا من العقيان مخروط القوائم من حجر البهرمان. ثم حلت الخريدة العذراء، و جلتها على ذلك التخت. كأنها الشمس فى كبد السماء، موشحة بقلائد الجوزاء. و سدلت دونها الحجب و أرخت السجف. ثم أمرت فزينوا جميع البلد بموشيات المطارف، و مستحسنات الرفارف. و جللوا ظهور الفيلة بالحرير و الديباج، و وضعوا على كواهلها أسرة العاج لتركبها القيان المحسنات، و الجوارى المسمعات. و اشرأبوا لاستقبال الملكين، و طلوع النيرين، مترصدين للانتظار، طامحين نحو الطريق بالأبصار. == ذكر رجوع زال الى أبيه سام و نهوضهما الى كابل للعرس == === وصول زال الى سام ابيه === قال فانصرف زال من حضرة الملك منوجهر يسوق مستعجلا كالطير فى الهواء، و السفينة على وجه الماء. فلم يشعر به أحد حتى طلع على أبيه. فلما رآه وثب اليه فعانقه، ثم أهوى زال بقبل الأرض. و عاد سام الى تخته فتسنمه. و طفق ابنه يحكى لديه ما أنعم به الملك عليه، و أسدى من عوارفه اليه. و حكى له أبوه قدوم سين دُخت عليه فى طلب المصالحة و المسالمة، و مسارعته الى تحقيق مطالبها، و مبادرته الى محالفتها و مصافقتها، و مواعدته العزم على النهوض الى كابل لاجتماع القمرين، و اقتران السعدين. فلما سمع دستان ذلك تورّدت بشرته، و تهللت أسرّته من فرط الفرح و السرور. فبيناهم فى ذلك اذ وصل رسول من كابل يذكر أن مهراب ينتظر قدوم سام و دستان. و يترقب تجشمها النهوض اليه. فأمر سام بالرحيل و قدم الى راكبا الى مهراب يعلمه بوصول دستان من حضرة الملك و أنهما آخذان فى الركوب اليه و القدوم عليه. فخرج مهراب لاستقبالهما و أمر بشدّ الكوسات و الطبول على مناكب الفيول، و ركوب العساكر فى موشعات الملابس، و نشر عذبات الرايات و الأعلام، و خروج القيان و المغانى بالمزاهر و المعارف. ث=== نهوض سام و دستان إلى كابل للعرس === قال: فلما طلعت رايات سام ترجل مهراب إعظاما لقدرة و إجلالا لمحله. فعانقه سام و جعل يسأله ملاطفا و يساره مفاكها، و مهراب يقابله بالثناء و الدعاء. فركب يسايره، و دستان يسير قدّامه كالهلال ليلة العيد يشار اليه بالأصابع، و يرمى نحوه بالنواظر. حتى انتهوا الى كابل فرأوا الأرض تطن بحفق الطبول و نقرات السرور. و استقبلهم اهل البلد راكبين قد ضمخوا أعراف الخيول بالمسك الأذفر، و خلّقوا سائبها بالزعفران و العنبر. و خرجت البلد راكبين قد ضمخوا أعراف الخيول بالمسك، على يد كل واحدة جام من الذهب نضدت عليه قطع الياقوت و حبات اللآلئ. فلما رأت ساما و ولده أمرتهنّ فنثرن تلك الجواهر تحت سنابك الخيل. و كثر نثر الدراهم و الدنانير يمنة و يسرة حتى خيل للرائين أن السماء تمطر على المواكب زهر الكواكب. و قال سام فى خلال ذلك لسين دخت: أ لم يأن أن تقرّ ألحاظنا بالخريدة البابلية، و تكتحل أحداقنا بالعقيلة الكابلية؟ فأجابته ضاحكة و قالت: إن أحببت أن ترى الشمس المنيرة فأين التحفة و الهدية؟ فلاطفها سام و قال: كل ما أملكه من صامت و ناطق نثار لقدمك و فداء لخدمك. فنزلوا و رفعت دونهم الأستار و الكلل حتى دخلوا الايوان المذهب، و المجلس المنجد. فرأى سام روذابه فوق تلك المنصة متجلية كالشمس البازغة. فبهت لرونق جمالها و قضى العجب من حسنها و كمالها. و أمر مهراب فتقدّم و عقدوا العقد على عادتهم المألوفة و سنتهم المعهودة. ثم أخذوا بيد زال و أقعدوه لجنب صاحبته، و نثروا على سريرهما المنجد أطباق الياقوت و الزبرجد. و كانت تلك الليلة من الليالى الزهر، و من حسنات الدهر. قال فجاءوا بنسخة تفصيل الجهاز للعرض، فأفصحت بذكر نفائس لم تر مثلها عين و لا سمعت بها أذن. و أقاموا بكابل ثلاثة أسابيع لا يفيقون من نشوات الأفراح، و لا يقصرون عن معاطاة الأكواب و الأقداح. ثم عزم سام على الارتحال خارجا نحو سجستان. فتوجه اليها و أمر زال بإعداد العماريات و تهيئة المهود و الهوادج، و اتبعه مستصحبا صاحبته و مهراب و زوجته، و ارتحلوا من سجستان جميعا قاصدين قصد نيم روز فقدموها. و أقام سام بضيافتهم ثلاثة أيام. و رحل راجعا الى كابل خطة ملكه و مقرّ عزه. و أقامت سين دخت عند ابنتها. و أمام سام فانه جعل تلك الممالك برسم ابنه دستان. و أقعده على سرير ملكه، و أقامه مقام نفسه. و ترحل عنها نحو كركَساران و نواحى مازَنْدران ليتخذها دارا و يتبوأها قرارا. == ذكر ولادة رستم == فلم يمض إلا قليل حتى حملت روذابه و تناوش شخصها النحول، و مس ورد وجنتيها الذبول. و كانت أمها سيمين دخت تسايلها عما تقاسيه من الحبل و وصيه، و تعانيه من الوحم و نصبه. فكانت تخبرها بما تجده من الآلام و يزعجها من الأوجاع. و كانت لا تنام بالليل و لا تهدأ بالنهار. كأن جلدها حشى بالجندل و الحديد أو بالصرفان الشديد. فلما انتهت مدّة حملها، و دنت ساعة وضعها غشى عليها فشهقت سين دُخت و خمشت خدّها ، و نتفت شعرها. و دب فى وصائفها الأنين و النجيب، و شملهن البكاء و العويل. و أعلم بالحال زال فجاء بقلب محترق، و دمع مندفق. فبيناهم كذلك متلددين بين اليأس و الأمل، متردّدين بين الرجاء و الوجل إذ ذكر زال ريشة العنقاء التى أعطتها إياه على ما سبق ذكره. فبشر بذلك سين دخت، و دعا بمجمر فأحرق بعضها فاذا بالسماء كأنها قد تغيمت، و بالآفاق كأنها أظلمت، و بالعنقاء قد أقبلت بالطائر الميمون كسحابة شآبيبها قصب المرجان، أو روضة شقائقها من العقيان. و لما دنت خرّ زال ساجدا يقبل الأرض و يذرى الدمع. فنادته العنقاء و بشرته بسلامة صاحبته، و أنكرت عليه الجزع، و قالت حاش لعيون الأسود أن تنضح برشاش المدامع، و معاذا لناكب الأطواد أن تتزلزل بالرياح الزعازع. إنه سيصحر من أجمة هذه اللبوة شبل أغلب، تقبل سود الأسود مواطئ قديمه، و لا يجترئ السحاب المكفهر أن يمرّ عليه. تتشقق جلود النمور دون غرار هيبته، و تستل بأنيابها مخالبها مخافة سطوته. ثم قالت تأخذ بإذن اللّه تعالى حديدة حادة و تدفعها الى آس حاذق أخذ يد القميص و يعل الحاملة بأرطال من سلاف العقار حتى يملك السكر عنان حواسها. ثم يشق الحكيم بتلك الحديدة خاصرتها و يستخرج منها الولد. ثم الشق و يرتق الفتق. ثم يؤخذ حشيشة كذا و كذا، و تدق بلبن و مسك، و تجفف فى الظل و تسحق. ثم تذر على موضع الشق. و تمرّ عليه ريشة من جناحى الميمون. فهنالك يسهل جميع الحزون. و لا تستهولن ذلك، و أطلق لسانك بشكر اللّه تعالى حيث آتاك شجرة ناضرة تثمر لك كل يوم ثمرة يانعة. ثم نزعت ريشة من جناحها و رمت بها اليه و طارت فى السماء، و حلقت نحو تلك القلة الشماء. فبادر زال الى تلك الريشة و أخذها، و أعدّ جميع ما أشارت به العنقاء من الأدوية. و الخلق مجتمعون يقضون العجب من تلك الحالة. === كيفية تسميته برستم و ما جرى بعد الولادة === ثم جاءوا بموبذ خفيف اليد أحذق أهل زمانه فى صناعته. فسقى روذابه من المدام الصرف أقداحا حتى سكرت و خرت صعقة لم تحس بشيء. فاستل تلك الحديدة و شق خاصرتها ثم استخرج منها بخفة و سرعة يد ولدا لم ير مثله قط. قد صوّره اللّه تعالى على خلقة تعجب العيون الذهب و الجوهر و بقيت أمه على حالها مغشيا عليها يوما و ليلة. ثم أفاقت بعد ذلك فنثروا عليها الذهب و الجوهر و دعوا اللّه تعالى و حمدوه على ما أسد اليهم. ثم قدّموا الطفل اليها كأنه ابن عشر سنين. فلما رأته تبسمت ضاحكة و قالت برستم أى قد خلصت. فسمى الصبى« رُستَم ». قال: فخاطوا على قدّ ذلك الطفل العزيز تمثالا من الحرير و حشوه بوبر السمور. و صوّروا وجهه كصورة الشمس. و ركبوا عليه أعضادا كأنها الثعابين. و جعلوا له أظافير كبراثن الأسود. و شغلوا إحدى يديه بالجرز مرفوعا الى كاهله، و الأخرى بعنان فرس أركبوه عليه محفوفا بخدم مكنوفا بخول و حشم. و أثاروا هجينا و نفذوا التمثال الى سام. قال: و بلغ الخبر الى مهراب فاستهز الطرب أعطافه، و كساه السرور أفوافه. و اتخذ الناس من أوّل أراضى كابل الى آخر حدود زوال تلك الأيام أعيادا، مواسم سرور و فرح و حبور. يواصلون بين الصبوح و العبوق، و يفيضون سيول الرحيق فى أودية العروق. لا يفيقون من قصف، و لا ينفكون من عسف و عزف. و لما جاء المبشر بذلك التمثال الى سام و وقع بصره عليه قامت شعرات بدنه حين رآه على صورته و شكله. و أمر بإفاضة الدراهم و نثرها على المبشر حتى كاد ينغمر فيها شخصه. ثم أمر بضرب البشائر و ركوب العساكر للتطارد فى الميدان، و التلاعب بالسيف و السنان. و أمر الكاتب أن يجيب عن كتاب زال مفتتحا كتابه بحمد اللّه عز و جل قائلا فيه لزال: إنى كثيرا ما ابتهلت الى اللّه تعالى و تضرعت اليه أسأله أن يقرّ عينى بشبل يصحر عن غيلك، على صورتى التى جبلنى عليها. فالحمد للّه على قضاء الحاجة و إنجاح الطلبة. و لا أسأله سبحانه إلا أن يطيل بقاءه، و يسهل الى معارج العلوّ ارتقاءه. قال: و كانت له عشر مرضعات يمتص نخب ألبانهن حتى ترعرع. و لما بلغ ثمانى سنين صار كالنخل الباسق: و الكواكب الدرىّ فى الظلام الغاسق، يحكى فى بهاء المنظر، و رشاقة القد، و أبهة الجلالة جده ساما. و كان لا يحمله مركوب غير الفيل لضخامة جثته و عبالة أكتافه. === مجيء سام لرؤية رستم === و جاء الخبر الى سام بأنه قد ترعرع و ارهق. فاشتاق الى لقائه و أقبل نحو زابلستان. فلما أحس بمقدمه زال ركب مع مهراب، و أمر بركوب العساكر للاستقبال. و شدّت الكوسات على كواهل الأفيال. و قدّموا فيلا عظيما، و شدّوا على ظهره تختا من الذهب. و جليس عليه رستم مشرفا على الناس معصوب الرأس بالتاج مشدود الوسط بالمنطقة، فى يده قوس و نشاب. فلما طلعت رايات سام من بعيد اصطفت العساكر سماطين. فترجل زال و مهراب و الأمراء و القوّاد و وضعوا جباههم على الأرض برسم الخدمة. ثم أطلقوا ألسنة الإخلاص بالثناء و الدعاء. و تهلل وجه سام حين وقع نظره على رستم. و أمر فقرب منه الفيل الذى هو راكبه فرآه على تلك الهيئة. فأثنى على اللّه تعالى، و دعا له بالبقاء. ففتح رستم لسانه بالثناء عليه و قال: إنما أنا فرع أنتمى الى جرثومة جلالك و أتقيل شمائلك فى جميع أحوالك. و لعل اللّه تعالى و حين صوّرنى على صورتك يمدّ أعضادى بمثل قوّتك . ثم نزل عن ظهر الفيل. و أكب عليه سام يقبل رأسه و عينه، و يعوذه باللّه عز و جل. ثم توجهوا جميعا نحو لكورابذَ يتفاكهون فى الطريق بصدور منشرحة و قلوب مرتاحة و أقاموا بها شهرا كاملا لا شغل لهم غير اللهو و الطرب، و لا نديم لهم سوى ابن الغمام و ابنة العنب. و كان سام لا يقبض عنان طرفه عن رستم و ضمائله، و يقول لزال لو سايلت مائة من القرون لم تسمع بولد استخرج عن خاصرة أمه كما استخرج هذا. و طفق يشكر العنقاء و يحمد اللّه عز و جل إذ ألهمها صنيعها ذلك. فاندفعوا فى شرب المدام الى أن أفرغت الكئوس، و شرقت بالخندريس النفوس. و طفق مهراب فى غمار سكره يقول: لا أبالى بعد يومى هذا بزال، و لا أتفكر فى سام، و لا يهمنى هم الملك المتوّج . اذا برزت مع رستم الى الميدان و تطاردنا مع الفرسان اضطرب لمهابتنا الخافقان. و سأحيى دولة الضحاك، و أضرب خيم العز على الأفلاك. ثم عزم سام على الرحيل فارتحل و خرج فى ركابه رستم و أبوه برسم الوداع مرحلتين. فأقبل سام على زال و أوصاه بالعدل و الاحسان، و طاعة السلطان، و متابعة الرأى و العقل، و مخالفة النفس الأمارة بالسوء، و سلوك سبيل الحق، و التنكب عن طريق الشر. ثم قال له: إياك و الإخلال بشىء من هذه الوصية. و اعلم أن نفسى تحدّثنى بأن مقامى ليس يطول فى دار الدنيا، و كأنى قد شارفت الارتحال. ثم ودع ولديه و ركب. فشيعاه مرحلتين أخريين و رجعا. و انطلق سام متوجها( نحو مستقرّه ). [[تصنيف:الشاهنامة]] {{ويكيبيديا|زال}} 8s66oya098g5zxg29liqup5bl78r2ru ميدياويكي:Vector.css 8 60986 407468 404846 2022-08-26T19:11:57Z Avicenno 15949 css text/css /* الأنماط المتراصة CSS المعروضة هنا ستؤثر على مستخدمي واجهة فكتور */ /* جعل خط المستخدم افتراضيا */ body, #firstHeading, #mw-content-text, .mw-content-rtl, button, select, option, input, div[lang=ar] { font-family: arial, sans-serif ; } /* أيقونات للروابط بين المشاريع */ li.wb-otherproject-link { background-repeat: no-repeat; background-position: right center; padding-right: 18px !important; } div.portal#p-wikibase-otherprojects div.body ul li.wb-otherproject-link { position: relative; leftt: -18px; padding-right: 18px; } li.wb-otherproject-commons { background-image: url("//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/4/4a/Commons-logo.svg/14px-Commons-logo.svg.png"); } li.wb-otherproject-wikipedia { background-image: url("//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/8/80/Wikipedia-logo-v2.svg/15px-Wikipedia-logo-v2.svg.png"); } li.wb-otherproject-wiktionary { background-image: url("//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/f9/Wiktionary_small.svg/16px-Wiktionary_small.svg.png"); } li.wb-otherproject-wikibooks { background-image: url("//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/fa/Wikibooks-logo.svg/16px-Wikibooks-logo.svg.png"); } li.wb-otherproject-wikiquote { background-image: url("//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/fa/Wikiquote-logo.svg/15px-Wikiquote-logo.svg.png"); } li.wb-otherproject-wikisource { background-image: url("//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/4/4c/Wikisource-logo.svg/15px-Wikisource-logo.svg.png"); } li.wb-otherproject-wikinews { background-image: url("//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/c/c8/Wikinews_waves_Left.svg/15px-Wikinews_waves_Left.svg.png"); } li.wb-otherproject-wikispecies, li.wb-otherproject-species { background-image: url("//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/d/df/Wikispecies-logo.svg/15px-Wikispecies-logo.svg.png"); } li.wb-otherproject-wikivoyage { background-image: url("//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/8/8a/Wikivoyage-logo.svg/15px-Wikivoyage-logo.svg.png"); } li.wb-otherproject-wikiversity { background-image: url("//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/9/91/Wikiversity-logo.svg/15px-Wikiversity-logo.svg.png"); } li.wb-otherproject-wikidata { background-image: url("//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/f/ff/Wikidata-logo.svg/15px-Wikidata-logo.svg.png"); } li.wb-otherproject-meta { background-image: url("//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/7/75/Wikimedia_Community_Logo.svg/15px-Wikimedia_Community_Logo.svg.png"); } li.wb-otherproject-incubator { background-image: url("//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/e/e3/Incubator-logo.svg/15px-Incubator-logo.svg.png"); } li.wb-otherproject-mediawiki { background-image: url("//upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/3/3d/Mediawiki-logo.png/15px-Mediawiki-logo.png"); } li[class^='wb-otherproject'] { background-position: right center; margin-right: 5px; } div.portal#p-wikibase-otherprojects div.body ul li.wb-otherproject-link { right: -8px; padding-right: 25px; } s2oql1ovm68ac3dzb9sq8w9u8e1zkhf صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/42 104 148635 407445 258703 2022-08-26T12:14:43Z Nehaoua 7481 تجربة proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="Mohamed.sa" /></noinclude>{{بداية قصيدة}} {{بيت|كم قد أطلت الهجر لى متعمدا|ان كان قصدك حاسدى فقد اشتفى}} {{بيت|لو انصف الدهر الخؤون لعاشق|ما كان يوم العواذل منصفا}} {{بيت|فلمن أبوح بصبوتى يا قاتلى|يا خيبة الشاكى اذا فقد الوفا}} {{بيت|ويزيد وجدى في هواك تلهفا|فمتى وعدت ولا رايتك مخلفا}} {{بيت|يا مسلمون خذوا بثار متيم|ألف الشهادة لديه طرف ما غفا}} {{بيت|أيحل فى شرع الغرام تذللى|ويكون غيرى بالوصال مشرفا}} {{بيت|ولقد كلفت بحبكم متلذذا|وغدا عذولى فى الهوى فتكلفا}} {{نهاية قصيدة}} {{حاشية من اليمين|فلما سمعت المرأة الثالثة قصيدتها صرخت وشقت ثيابها وألقت نفسها على الآرص مغشيا عليها فلما انكشف جسدها ظهر فيه ضرب المقارع مثل من قبلها فقال الصعاليك ليتنا مادخلنا هذه الدار وكنا بتنا على الكيمان فقد تكدر مبيتنا هنا بشىء يقطع الصلب فالتفت الخليفة اليهم وقال لهم لم ذلك قالوا قد اشتغل سرنا بهذا الامر فقال الخليفة ماانتم من هذا البيت قالوا لا ولا ظننا هذا الموضع الا للرجل الذى عندكم فقال الحمال والله ما رأيت هذا الموضع الا هذه الليله وليتنى بت على الكيمان ولم أبت فيه فقال الجميع نحن سبعة رجال وهن ثلاث نسوة وليس لهن رابعة}} فنسألهن عن حالهن فان لم يجبننا طوعا أجبنا كرها واتفق الجميع على ذلك فقال جعفر ما هذا رأى سديد دعوهن فنحن ضيوف عندهن وقد شرطن علينا شرطا فنوفي به ولم يبق من الليل الا القليل وكل منا يمضى الى حال سبيله ثم انه غمز الخليفة وقال ما بقى غير ساعة وفى غد تحضرهن بين يديك فتسألهن عن قصتهن فابى الخليفة وقال لم يبق لى صبر عن خبرهن وقد كثر بينهن القيل والقال ثم قالوا ومن يسألهن فقال بعضهم الحمال ثم قال لهم النساء يا جماعة فى أي شىء تتكلمون فقام الحمال لصاحبة البيت وقال لها يا سيدتي سألتك بالله واقسم عليك به ان تخبرينا عن حال الكلبتين وأي سبب تعاقبينهما ثم تعودين تبكين وتقبلينهما وأن تخبرينا عن سبب ضرب أختك بالمقارع وهذا سؤالنا والسلام فقالت صاحبة المكان للجماعة صحيح مايقوله عنكم قال الجميع نعم الا جعفر فانه سكت فلما سمعت الصبية كلامهم قالت والله لقد آذيتمونا يا ضيوفنا الاذية البالغة وتقدم لنا اننا شرطنا عليكم ان من تكلم فيما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه أما كفانا أننا أدخلناكم منزلنا وأطعمناكم زادنا ولكن لاذنب لكم وانما الذنب لمن أوصلكم الينا ثم {{حاشية من اليسار|شمرت عن معصمها وضربت الارض ثلاث ضربات وقالت عجلوا واذا بباب خزانة قد فتح وخرج منه سبعة عبيد وبايديهم سيوف مسلولة وقالت كتفوا هؤلاء الذين كثر كلامهم وأربطوا بعضهم ببعض ففعلوا وقالوا أيتها المخدرة ائذني لنا فى ضرب رقابهم}} فقالت امهلوهم ساعة حتى أسألهم عن حالهم قبل ضرب رقابهم فقال الحمال بالله يا سيدتي لا تقتلينى بذنب الغير فان الجميع أخطؤوا ودخلوا فى الذنب الا انا والله لقد كانت ليلتنا طيبة لو سلمنا من هؤلاء الصعاليك الذين لو دخلوا مدينة عامرة لاخربوها ثم انشد يقول {{بداية قصيدة}} {{بيت|ما أحسن الغفران من قادر|لاسيما عن غير ذى ناصر}} {{نهاية قصيدة}}<noinclude><references/></noinclude> 7aum0zsvo2bfjece3jvbtn5ffcgfoax 407446 407445 2022-08-26T12:15:21Z Nehaoua 7481 استرجاع إلى آخر تعديل من قبل [[خاص:مساهمات/Mohamed.sa|Mohamed.sa]] proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="Mohamed.sa" /></noinclude>{{بداية قصيدة}} {{بيت|كم قد أطلت الهجر لى متعمدا|ان كان قصدك حاسدى فقد اشتفى}} {{بيت|لو انصف الدهر الخؤون لعاشق|ما كان يوم العواذل منصفا}} {{بيت|فلمن أبوح بصبوتى يا قاتلى|يا خيبة الشاكى اذا فقد الوفا}} {{بيت|ويزيد وجدى في هواك تلهفا|فمتى وعدت ولا رايتك مخلفا}} {{بيت|يا مسلمون خذوا بثار متيم|ألف الشهادة لديه طرف ما غفا}} {{بيت|أيحل فى شرع الغرام تذللى|ويكون غيرى بالوصال مشرفا}} {{بيت|ولقد كلفت بحبكم متلذذا|وغدا عذولى فى الهوى فتكلفا}} {{نهاية قصيدة}} فلما سمعت المرأة الثالثة قصيدتها صرخت وشقت ثيابها وألقت نفسها على الآرص مغشيا عليها فلما انكشف جسدها ظهر فيه ضرب المقارع مثل من قبلها فقال الصعاليك ليتنا مادخلنا هذه الدار وكنا بتنا على الكيمان فقد تكدر مبيتنا هنا بشىء يقطع الصلب فالتفت الخليفة اليهم وقال لهم لم ذلك قالوا قد اشتغل سرنا بهذا الامر فقال الخليفة ماانتم من هذا البيت قالوا لا ولا ظننا هذا الموضع الا للرجل الذى عندكم فقال الحمال والله ما رأيت هذا الموضع الا هذه الليله وليتنى بت على الكيمان ولم أبت فيه فقال الجميع نحن سبعة رجال وهن ثلاث نسوة وليس لهن رابعة فنسألهن عن حالهن فان لم يجبننا طوعا أجبنا كرها واتفق الجميع على ذلك فقال جعفر ما هذا رأى سديد دعوهن فنحن ضيوف عندهن وقد شرطن علينا شرطا فنوفي به ولم يبق من الليل الا القليل وكل منا يمضى الى حال سبيله ثم انه غمز الخليفة وقال ما بقى غير ساعة وفى غد تحضرهن بين يديك فتسألهن عن قصتهن فابى الخليفة وقال لم يبق لى صبر عن خبرهن وقد كثر بينهن القيل والقال ثم قالوا ومن يسألهن فقال بعضهم الحمال ثم قال لهم النساء يا جماعة فى أي شىء تتكلمون فقام الحمال لصاحبة البيت وقال لها يا سيدتي سألتك بالله واقسم عليك به ان تخبرينا عن حال الكلبتين وأي سبب تعاقبينهما ثم تعودين تبكين وتقبلينهما وأن تخبرينا عن سبب ضرب أختك بالمقارع وهذا سؤالنا والسلام فقالت صاحبة المكان للجماعة صحيح مايقوله عنكم قال الجميع نعم الا جعفر فانه سكت فلما سمعت الصبية كلامهم قالت والله لقد آذيتمونا يا ضيوفنا الاذية البالغة وتقدم لنا اننا شرطنا عليكم ان من تكلم فيما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه أما كفانا أننا أدخلناكم منزلنا وأطعمناكم زادنا ولكن لاذنب لكم وانما الذنب لمن أوصلكم الينا ثم شمرت عن معصمها وضربت الارض ثلاث ضربات وقالت عجلوا واذا بباب خزانة قد فتح وخرج منه سبعة عبيد وبايديهم سيوف مسلولة وقالت كتفوا هؤلاء الذين كثر كلامهم وأربطوا بعضهم ببعض ففعلوا وقالوا أيتها المخدرة ائذني لنا فى ضرب رقابهم فقالت امهلوهم ساعة حتى أسألهم عن حالهم قبل ضرب رقابهم فقال الحمال بالله يا سيدتي لا تقتلينى بذنب الغير فان الجميع أخطؤوا ودخلوا فى الذنب الا انا والله لقد كانت ليلتنا طيبة لو سلمنا من هؤلاء الصعاليك الذين لو دخلوا مدينة عامرة لاخربوها ثم انشد يقول {{بداية قصيدة}} {{بيت|ما أحسن الغفران من قادر|لاسيما عن غير ذى ناصر}} {{نهاية قصيدة}}<noinclude><references/></noinclude> aenp7crvcnr248jexm2xt6rwmc22em2 صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/25 104 213838 407453 379587 2022-08-26T13:50:05Z Nehaoua 7481 proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="1" user="Nehaoua" />{{ترقيم||مقدمة|٣}}</noinclude> وقال ابن سيرين: العلم أكثر من أن يحاط به فخذوا من كلّ شيء أحسنه، وفيما بين ذلك سقطات<ref> في بعض الأصول «سقطة» وفي سائرها «سقط»</ref> الرأي، وزلل القول؛ ولكلّ عالم هفوة ولكل صارم نبوة. وفي بعض الكتب: انفرد الله تعالى بالكمال، ولم يبرأ أحد من النّقصان. وقيل للعتّابي: هل تعلم أحدا لا عيب فيه؟ قال: إنّ الذي لا عيب فيه لا يموت أبدا، ولا سبيل إلى السّلامة من ألسنة العامّة. وقال العتّابي: من قرض شعرا أو وضع كتابا فقد استهدف للخصوم واستشرف للألسن، إلا عند من نظر فيه بعين العدل، وحكم بغير الهوى، وقليل ما هم. وحذفت الأسانيد من أكثر الأخبار طلبا للاستخفاف والإيجاز، وهربا من التثقيل والتّطويل؛ لأنها أخبار ممتعة وحكم ونوادر، لا ينفعها الإسناد باتّصاله، ولا يضرّها ما حذف منها. وقد كان بعضهم يحذف أسانيد الحديث من سنّة متّبعة، وشريعة مفروضة؛ فكيف لا نحذفه من نادرة شاردة، ومثل سائر، وخبر مستطرف. سأل حفص بن غياث الأعمش عن إسناد حديث. فأخذ بحلقه وأسنده إلى حائط وقال: هذا إسناد. وحدّث ابن السّمّاك بحديث، فقيل له: ما إسناده؟ فقال: هو من المرسلات عرفا. وحدّث الحسن البصريّ بحديث، فقيل له: يا أبا سعيد، عمّن؟ قال: وما تصنع بعمّن يا بن أخي؟ أمّا أنت فنالتك موعظته، وقامت عليك حجّته. وقد نظرت في بعض الكتب الموضوعة فوجدتها غير متصرّفة في فنون الأخبار، ولا جامعة لجمل الآثار؛ فجعلت هذا الكتاب كافيا جامعا لأكثر المعاني التي تجري على أفواه العامّة والخاصّة. وتدور على ألسنة الملوك والسّوقة. وحلّيت كلّ كتاب منها بشواهد من الشّعر، تجانس الاخبار في معانيها، وتوافقها في مذاهبها؛ وقرنت بها غرائب من شعري، ليعلم الناظر في كتابنا هذا أن لمغربنا على قاصيته<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}}</noinclude> 0slzm0ua3886u5q8h0vxmxrf1mcfuia صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/72 104 213884 407454 380150 2022-08-26T13:53:29Z Nehaoua 7481 proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="Nehaoua" />{{rh||الجزء الأول|٥٠}} {{سطر}}</noinclude><section begin="72-1"/>الواحد رهن بما أفشي إليه، والثاني مطلق عنه ذلك الرهن. والثالث علاوة فيه. فإذا كان السر عند واحد كان أحرى أن لا يظهره رغبة ورهبة، وإن كان عند اثنين دخلت على الملك الشبهة، واتسعت على الرجلين المعاريض. فإن عاقبهما عاقب اثنين بذنب واحد، وإن اتهمهما اتهم بريئا بخيانة مجرم، وإن عفا عنهما كان العفو عن أحدهما ولا ذنب له، وعن الآخر ولا حجة معه<ref>انظر عيون الأخبار ونهاية الأرب والوزراء والكتاب للجهشیاری.</ref>. {{حاشية من اليمين|'''لبعض الشعراء'''}} ومن أحسن ما قالت الشعراء في السر قول عمر بن أبي ربيعة: {{قصيدة|فقالت وأرخت جانب الستر: إنما|معي فتحدّث غير ذي رقبة أهلي}} {{قصيدة|فقلت لها: ما بي لهم من ترقّب|ولكنّ سرّي ليس يحمله مثلي}} وقال أبو محجن الثقفي: {{قصيدة|لا تسألي الناس عن مالي وكثرته|وسائلي الناس عن بأسي وعن خلقي}} {{قصيدة|قد أطعن الطّعنة النّجلاء عن عرض|وأكتم السّرّ فيه ضربة العنق}} وقال الحطيئة يهجو: {{قصيدة|أغربالا إذا استودعت سرا|وكانونا على المتحدّثينا}} <section end="72-1"/> <section begin="72-2"/>{{ع3|الإذن}} {{حاشية من اليمين|بين زياد وحاجبه|align=c}} قال زياد لحاجبه عجلان: كيف تأذن للناس؟ قال: على البيوتات، ثم على الأسنان، ثم على الآداب. قال: فمن تؤخّر؟ قال: من لا يعبأ الله بهم. قال: ومن هم؟ قال: الذين يلبسون كسوة الشتاء في الصيف وكسوة الصيف في الشتاء. {{حاشية من اليمين|لسعيد بن عتبة في بعده عن الآذن|align=c}} وكان سعيد بن عتبة بن حصين إذا حضر باب أحد من السلاطين جلس جانبا؛ فقيل له: إنك لتتباعد من الآذن جهدك؛ قال: لأن أدعى من بعيد خير من أن أقصى من قريب. ثم قال<ref>الشعر للبعيث بن حريث ( انظر الحماسة ) .</ref>: <section end="72-2"/><noinclude>{{سطر|align=right|8em}} {{مراجع مصغرة}}</noinclude> pqa2neup19fcjihb9henrkyl915ns2m 407455 407454 2022-08-26T13:56:43Z Nehaoua 7481 proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="Nehaoua" />{{rh||الجزء الأول|٥٠}} {{سطر}}</noinclude><section begin="72-1"/>الواحد رهن بما أفشي إليه، والثاني مطلق عنه ذلك الرهن. والثالث علاوة فيه. فإذا كان السر عند واحد كان أحرى أن لا يظهره رغبة ورهبة، وإن كان عند اثنين دخلت على الملك الشبهة، واتسعت على الرجلين المعاريض. فإن عاقبهما عاقب اثنين بذنب واحد، وإن اتهمهما اتهم بريئا بخيانة مجرم، وإن عفا عنهما كان العفو عن أحدهما ولا ذنب له، وعن الآخر ولا حجة معه<ref>انظر عيون الأخبار ونهاية الأرب والوزراء والكتاب للجهشیاری.</ref>. {{حاشية من اليمين|لبعض الشعراء|size=150%}} ومن أحسن ما قالت الشعراء في السر قول عمر بن أبي ربيعة: {{قصيدة|فقالت وأرخت جانب الستر: إنما|معي فتحدّث غير ذي رقبة أهلي}} {{قصيدة|فقلت لها: ما بي لهم من ترقّب|ولكنّ سرّي ليس يحمله مثلي}} وقال أبو محجن الثقفي: {{قصيدة|لا تسألي الناس عن مالي وكثرته|وسائلي الناس عن بأسي وعن خلقي}} {{قصيدة|قد أطعن الطّعنة النّجلاء عن عرض|وأكتم السّرّ فيه ضربة العنق}} وقال الحطيئة يهجو: {{قصيدة|أغربالا إذا استودعت سرا|وكانونا على المتحدّثينا}} <section end="72-1"/> <section begin="72-2"/>{{ع3|الإذن}} {{حاشية من اليمين|بين زياد وحاجبه|align=center}} قال زياد لحاجبه عجلان: كيف تأذن للناس؟ قال: على البيوتات، ثم على الأسنان، ثم على الآداب. قال: فمن تؤخّر؟ قال: من لا يعبأ الله بهم. قال: ومن هم؟ قال: الذين يلبسون كسوة الشتاء في الصيف وكسوة الصيف في الشتاء. {{حاشية من اليمين|لسعيد بن عتبة<br/> في بعده عن <br/>الآذن|align=c}} وكان سعيد بن عتبة بن حصين إذا حضر باب أحد من السلاطين جلس جانبا؛ فقيل له: إنك لتتباعد من الآذن جهدك؛ قال: لأن أدعى من بعيد خير من أن أقصى من قريب. ثم قال<ref>الشعر للبعيث بن حريث ( انظر الحماسة ) .</ref>: <section end="72-2"/><noinclude>{{سطر|align=right|8em}} {{مراجع مصغرة}}</noinclude> hqbtmcmylyz5q0freq903mg13b59l7r صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/105 104 213917 407452 379669 2022-08-26T13:38:12Z Nehaoua 7481 قالب الحاشية proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="1" user="Nehaoua" />{{ترقيم||من العقد الفريد|۸۳}}{{سطر}}</noinclude>پر e مالك ار {{أبيات|أقدم إذ كاع كل ليث\\ عن حومة الموت إذ رآها فأقحم الخليل في غمار\\ و تفر بالموت هو ناها غنت له أوجه المنایا\\ فعافها القوم وأشهاها}} {{ع3|فرسان العرب في الجاهلية والإسلام}} {{حاشية من اليمين|5}} {{حاشية من اليسار|این مكدم<br/>وقول حسان فيه}} كان فارس العرب في الجاهلية ربيعة بن مكدم . من بني فراس بن تنم بین مالك بن كنانة ، وكان يعقر على قبره في الجاهلية . ولم يعقر على قبر أحد غيره. وقال حسان بن ثابت وقد مر على قبره : شدید {{أبيات|نفرت قلو من حجارة حرة\\ بنيت على طلق اليدين وهوب لا تنفری يا ناق منه فإنه\\منه فإنه شرب خمر lسعر لحروب لولا السفار و طول قفر مهمه\\ أتركها تحبو على عرقوب}} {{حاشية من اليسار|فراس بن غنم <br/>وكلمة لعلي فيهم}} وكان بنو فراس بن غنم بن كنانة أنجد العرب. كان الرجل منهم يعدل عشرة من غيرهم. وفيهم يقول عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه لأهل الكوفة: من فاز بكم فقد فاز بالسهم الأخيب، أبدلكم الله بي من هو شرّ لكم، وأبدلني بكم من هو خير منكم. وددت والله أنّ لي بجميعكم- وأنتم مائة ألف- ثلاثمائة من بني فراس بن غنم. {{حاشية من اليسار|من فرسان <br/>العرب في الجاهلية}} ومن فرسان العرب في الجاهلية عنترة الفوارس، وعتيبة بن الحارث بن شهاب؛ وأبو براء عامر بن مالك ملاعب الأسنة، وزيد الخيل، وبسطام بن قيس، والأحيمر السعدي، وعامر بن الطّفيل، وعمرو بن عبد ودّ، وعمرو بن معد يكرب. {{حاشية من اليسار|من فرسانهم<br/> في الاسلام}} وفي الإسلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، والزبير، وطلحة، ورجال الأنصار: عبد الله بن خازم السّلمي، وعباد بن الحصين، وعمير بن الحباب، وقطريّ بن الفجاءة، والحريش بن هلال السعدي، وشبيب الحروريّ. {{حاشية من اليسار|للعرب في بعض<br/> فرسانهم|center}} وقالوا: ما استحيا شجاع قطّ أن يفرّ من عبد الله بن خازم وقطريّ بن الفجاءة، صاحب الأزارقة. {{أسفل}}<noinclude><references/></noinclude> 79dvf1e1l4nr6e9kv4u1ovgzgidjw11 نقاش ميدياويكي:Vector.css 9 224063 407469 405314 2022-08-26T19:12:13Z Avicenno 15949 /* تعديل مهم لإتاحة تغيير الخط من المستخدم */ ردّ wikitext text/x-wiki == تعديل مهم لإتاحة تغيير الخط من المستخدم == في السطر [[ميدياويكي:Vector.css#L-5|5]] تم وضع تعليمة !important وهذه التعليمة خطأ في هذا المكان لأنها لا تتيح تعديل الخط من المستخدم في ملف الواجهة الخاص. إشارة إلى إداريي الواجهة الذين لا نعرفهم <ins>، و</ins>{{ر|Avicenno|Nehaoua}}، وإشارة لإداريي الواجهة في ويكيبيديا العربية لإبداء الرأي {{ر|جار الله|وهراني|FShbib}} [[مستخدم:حبيشان|حبيشان]] ([[نقاش المستخدم:حبيشان|نقاش]]) 22:32، 6 أغسطس 2022 (ت ع م) :مرحبًا.. الزميل {{ر|Avicenno}} حامل للصلاحية هنا، ويُمكنه التكرّم بإجراء التعديل.. --[[مستخدم:FShbib|FShbib]] ([[نقاش المستخدم:FShbib|نقاش]]) 00:40، 7 أغسطس 2022 (ت ع م) ::{{ر|FShbib|حبيشان}} أهلا اخي شبيب. تم التعديل. بالنسبة لانك لا تعرفنا أخ حبيشان فنحن لا نحتاج إلى تعريف. مع التحية--[[مستخدم:Avicenno|Avicenno]] ([[نقاش المستخدم:Avicenno|نقاش]]) 09:47، 9 أغسطس 2022 (ت ع م) ::: جزاك الله خيرا {{ر|Avicenno|س=مصعب}}، ولم أقصدك بقولي «لا نعرفهم»، حيث لم أنك أعرف أصلا أنك من إداريي الواجهة في وقت كتابة التعليق، ولأن صفحة [[ويكي مصدر:إداريو الواجهة]] لم تذكر أي إدراي واجهة، وسقطت عليَّ الواو عند الكتابة، وأشرت إليك ليس باعتبارك إدراي واجهة لكن باعتبار أنك إدراي وبيروقراط. وأرى أن إدرايي الواجهة بحاجة إلى تعريف في [[ويكي مصدر:إداريو الواجهة]] مثلهم مثل الإدرايين، لكي ترفع إليهم المشاكل. :::بالعودة إلى التعديل، أرجو أيضا حذف علامة التعجب (!) التي كانت تسبق important. :::وهناك مشكلة أخرى وهي عدم تفعيل بدائل الخط ligatures مثلا (الله) لا تظهر بالشكل المعروف (&#xFDF2;) بعكس ويكيبيديا لحل هذه المشكلة يمكن إضافة: :::<code>font-feature-settings:"liga","dlig";</code> :::لكن أرى أن المشكلة بحاجة إلى بحث أعمق لسببها، إشارة إلى {{ر|FShbib}}.--[[مستخدم:حبيشان|حبيشان]] ([[نقاش المستخدم:حبيشان|نقاش]]) 08:47، 10 أغسطس 2022 (ت ع م) :مرحبًا {{ر|حبيشان|Avicenno}} صحيح أرجو تطبيق التعديل الذي ذكره الزميل حبيشان، باستبدال علامة "!" بـ";".. أما المشكلة الأخرى فينبغي إزالة السطر 365 إلى 368، في [[ميدياويكي:Common.css#L-365]] لحل هذا، ولا أعتقد هنالك حاجة لإضافة السطر الذي ذكره أخي حبيشان.. تحياتي.. --'''[[مستخدم:FShbib|شبيب..]]'''<sup>[[نقاش المستخدم:FShbib|ناقشني]]</sup> 10:02، 10 أغسطس 2022 (ت ع م) ::{{ر|FShbib|حبيشان}} تم. تشرفت بك أخي حبيشان. لا عليك--[[مستخدم:Avicenno|Avicenno]] ([[نقاش المستخدم:Avicenno|نقاش]]) 23:41، 10 أغسطس 2022 (ت ع م) {{ر|Avicenno|FShbib}} جزاكم الله خيرا. [[مستخدم:حبيشان|حبيشان]] ([[نقاش المستخدم:حبيشان|نقاش]]) 09:01، 11 أغسطس 2022 (ت ع م) :{{ر|Avicenno}} لاحظت في نمط فيكتور أيقونات المشاريع الأخرى فوق الروابط فلو يضاف: :<code>padding-right: 18px !important;</code> :بعد [[ميدياويكي:Vector.css#L-12]] كما في [[w:ميدياويكي:Common.css#L-2832]] . [[مستخدم:حبيشان|حبيشان]] ([[نقاش المستخدم:حبيشان|نقاش]]) 11:55، 11 أغسطس 2022 (ت ع م) ::{{ر|Avicenno}} تذكير. [[مستخدم:حبيشان|حبيشان]] ([[نقاش المستخدم:حبيشان|نقاش]]) 20:20، 22 أغسطس 2022 (ت ع م) :::تم [[مستخدم:Avicenno|Avicenno]] ([[نقاش المستخدم:Avicenno|نقاش]]) 19:12، 26 أغسطس 2022 (ت ع م) ai3zvcfxixa4v14ediwcbooz52ovz6i قالب:حاشية من اليسار 10 224964 407443 407438 2022-08-26T12:05:30Z Nehaoua 7481 wikitext text/x-wiki <includeonly><!-- -->{{#ifeq:{{NAMESPACE}}|{{ns:Page}}|<templatestyles src="Sidenote/styles page ns.css"/>}}<!-- --><templatestyles src="Sidenote/styles.css"/><!-- --><span class="wst-sidenote wst-sidenote-right {{{class|}}}"><span class="wst-sidenote-inner" {{optional style|font-size={{{size|}}}|line-height={{{height|}}}|text-align={{{align|}}}|style={{{2|}}}}}>{{{1|}}}</span></span><!-- --></includeonly><noinclude> {{documentation|Template:Sidenotes begin/doc}}[[Category:قوالب الحواشي]] <templatedata> { "params": { "1": { "label": "1", "description": "Text of the side-note to apply.", "required": true }, "2": { "label": "2", "description": "Additional CSS styles to apply to sidenote" }, "class": { "label": "class", "description": "CSS class to apply to sidenote" }, "size": { "label": "size", "description": "Font sizing of the sidenote (CSS Units)" }, "height": { "label": "height", "description": "Line height of sidenote (CSS units)", "type": "string" }, "align": { "label": "alignment", "description": "Text alignment of the sidenote.", "suggestedvalues": [ "left", "right" ] } } } </templatedata> </noinclude> i3ipwp39yuplh4yz6jcjxjvibojo3d4 407451 407443 2022-08-26T13:34:58Z Nehaoua 7481 wikitext text/x-wiki <includeonly><!-- -->{{#ifeq:{{NAMESPACE}}|{{ns:Page}}|<templatestyles src="Sidenote/styles page ns.css"/>}}<!-- --><templatestyles src="Sidenote/styles.css"/><!-- --><span class="wst-sidenote wst-sidenote-left {{{class|}}}"><span class="wst-sidenote-inner" {{optional style|font-size={{{size|}}}|line-height={{{height|}}}|text-align={{{align|}}}|style={{{2|}}}}}>{{{1|}}}</span></span><!-- --></includeonly><noinclude> {{documentation|Template:Sidenotes begin/doc}} [[Category:Formatting templates|{{PAGENAME}}]] [[Category:قوالب الحواشي]] <templatedata> { "params": { "1": { "label": "1", "description": "Text of the side-note to apply.", "required": true }, "2": { "label": "2", "description": "Additional CSS styles to apply to sidenote" }, "class": { "label": "class", "description": "CSS class to apply to sidenote" }, "size": { "label": "size", "description": "Font sizing of the sidenote (CSS Units)" }, "height": { "label": "height", "description": "Line height of sidenote (CSS units)", "type": "string" }, "align": { "label": "alignment", "description": "Text alignment of the sidenote.", "suggestedvalues": [ "left", "right" ] } } } </templatedata></noinclude> iq22svh8plm2fh5hqcyad0zrkj0arr0 قالب:حاشية من اليمين 10 224965 407440 2022-08-26T12:02:14Z Nehaoua 7481 جديدة '<includeonly><!-- -->{{#ifeq:{{NAMESPACE}}|{{ns:Page}}|<templatestyles src="Sidenote/styles page ns.css"/>}}<!-- --><templatestyles src="Sidenote/styles.css"/><!-- --><span class="wst-sidenote wst-sidenote-left {{{class|}}}"><span class="wst-sidenote-inner" {{optional style|font-size={{{size|}}}|line-height={{{height|}}}|text-align={{{align|}}}|style={{{2|}}}}}>{{{1|}}}</span></span><!-- --></includeonly><noinclude> {{documentation|Template:Sidenotes begin/doc}} Category:F...' wikitext text/x-wiki <includeonly><!-- -->{{#ifeq:{{NAMESPACE}}|{{ns:Page}}|<templatestyles src="Sidenote/styles page ns.css"/>}}<!-- --><templatestyles src="Sidenote/styles.css"/><!-- --><span class="wst-sidenote wst-sidenote-left {{{class|}}}"><span class="wst-sidenote-inner" {{optional style|font-size={{{size|}}}|line-height={{{height|}}}|text-align={{{align|}}}|style={{{2|}}}}}>{{{1|}}}</span></span><!-- --></includeonly><noinclude> {{documentation|Template:Sidenotes begin/doc}} [[Category:Formatting templates|{{PAGENAME}}]] [[Category:Sidenotes templates]] <templatedata> { "params": { "1": { "label": "1", "description": "Text of the side-note to apply.", "required": true }, "2": { "label": "2", "description": "Additional CSS styles to apply to sidenote" }, "class": { "label": "class", "description": "CSS class to apply to sidenote" }, "size": { "label": "size", "description": "Font sizing of the sidenote (CSS Units)" }, "height": { "label": "height", "description": "Line height of sidenote (CSS units)", "type": "string" }, "align": { "label": "alignment", "description": "Text alignment of the sidenote.", "suggestedvalues": [ "left", "right" ] } } } </templatedata></noinclude> sc3fc3xj2eo16y0pq0ge14vkx9suak0 407442 407440 2022-08-26T12:05:11Z Nehaoua 7481 wikitext text/x-wiki <includeonly><!-- -->{{#ifeq:{{NAMESPACE}}|{{ns:Page}}|<templatestyles src="Sidenote/styles page ns.css"/>}}<!-- --><templatestyles src="Sidenote/styles.css"/><!-- --><span class="wst-sidenote wst-sidenote-left {{{class|}}}"><span class="wst-sidenote-inner" {{optional style|font-size={{{size|}}}|line-height={{{height|}}}|text-align={{{align|}}}|style={{{2|}}}}}>{{{1|}}}</span></span><!-- --></includeonly><noinclude> {{documentation|Template:Sidenotes begin/doc}} [[Category:Formatting templates|{{PAGENAME}}]] [[Category:قوالب الحواشي]] <templatedata> { "params": { "1": { "label": "1", "description": "Text of the side-note to apply.", "required": true }, "2": { "label": "2", "description": "Additional CSS styles to apply to sidenote" }, "class": { "label": "class", "description": "CSS class to apply to sidenote" }, "size": { "label": "size", "description": "Font sizing of the sidenote (CSS Units)" }, "height": { "label": "height", "description": "Line height of sidenote (CSS units)", "type": "string" }, "align": { "label": "alignment", "description": "Text alignment of the sidenote.", "suggestedvalues": [ "left", "right" ] } } } </templatedata></noinclude> iq22svh8plm2fh5hqcyad0zrkj0arr0 407450 407442 2022-08-26T13:34:52Z Nehaoua 7481 wikitext text/x-wiki <includeonly><!-- -->{{#ifeq:{{NAMESPACE}}|{{ns:Page}}|<templatestyles src="Sidenote/styles page ns.css"/>}}<!-- --><templatestyles src="Sidenote/styles.css"/><!-- --><span class="wst-sidenote wst-sidenote-right {{{class|}}}"><span class="wst-sidenote-inner" {{optional style|font-size={{{size|}}}|line-height={{{height|}}}|text-align={{{align|}}}|style={{{2|}}}}}>{{{1|}}}</span></span><!-- --></includeonly><noinclude> {{documentation|Template:Sidenotes begin/doc}}[[Category:قوالب الحواشي]] <templatedata> { "params": { "1": { "label": "1", "description": "Text of the side-note to apply.", "required": true }, "2": { "label": "2", "description": "Additional CSS styles to apply to sidenote" }, "class": { "label": "class", "description": "CSS class to apply to sidenote" }, "size": { "label": "size", "description": "Font sizing of the sidenote (CSS Units)" }, "height": { "label": "height", "description": "Line height of sidenote (CSS units)", "type": "string" }, "align": { "label": "alignment", "description": "Text alignment of the sidenote.", "suggestedvalues": [ "left", "right" ] } } } </templatedata> </noinclude> i3ipwp39yuplh4yz6jcjxjvibojo3d4 تصنيف:قوالب الحواشي 14 224966 407441 2022-08-26T12:04:20Z Nehaoua 7481 جديدة '[[تصنيف:قوالب تنسيق]]' wikitext text/x-wiki [[تصنيف:قوالب تنسيق]] jh5flh7zqugis3zezk2xxu1w0sh4kl9 قالب:Sidenote/styles page ns.css 10 224967 407444 2022-08-26T12:11:36Z Nehaoua 7481 جديدة '/* * This CSS is loaded only in page NS to provide default styling. * In the main NS, dynamic layouts take over. Index CSS always applies. */ .wst-sidenote { text-align: left; } /* These rules apply the float that will work even if a margin not provided with {{Sidenotes begin}} */ .wst-sidenote-right { float: right; clear: right; padding-left: 1em; } .wst-sidenote-left { float: left; clear: left; padding-right: 1em; } /* margin provided - use it */ /* * This i...' sanitized-css text/css /* * This CSS is loaded only in page NS to provide default styling. * In the main NS, dynamic layouts take over. Index CSS always applies. */ .wst-sidenote { text-align: left; } /* These rules apply the float that will work even if a margin not provided with {{Sidenotes begin}} */ .wst-sidenote-right { float: right; clear: right; padding-left: 1em; } .wst-sidenote-left { float: left; clear: left; padding-right: 1em; } /* margin provided - use it */ /* * This is the default layout. This can be adjusted with Index-level CSS * if the work uses different widths of sidenote columns in the page NS */ .wst-sidenote-container .wst-sidenote-right { margin-right: -11em; width: 10em; } .wst-sidenote-container .wst-sidenote-left { margin-left: -11em; width: 10em; } i9vlnb13q5rx7me6698dqtgdz6l0riq مستخدم:Dew 2 224968 407447 2022-08-26T12:36:24Z Dew 14235 جديدة '== ندى البني == ويكيبدية متحمسة لفكرتها منذ أن عرفتها و قدمت مساهمات قبل تسجيلي في 25 فبراير 2006 الساعة 19:53. تخللت هذه السنين الطويلة انقطاعات بعضها كان بسبب حظر ويكيبيديا في بلدي سوريا. لكنني بقيت مساهمة في نشر فكرتها بين طلابي في جامعة دمشق و الجمعيات العلمية في دمشق....' wikitext text/x-wiki == ندى البني == ويكيبدية متحمسة لفكرتها منذ أن عرفتها و قدمت مساهمات قبل تسجيلي في 25 فبراير 2006 الساعة 19:53. تخللت هذه السنين الطويلة انقطاعات بعضها كان بسبب حظر ويكيبيديا في بلدي سوريا. لكنني بقيت مساهمة في نشر فكرتها بين طلابي في جامعة دمشق و الجمعيات العلمية في دمشق. نلت منحة لحضور مؤتمر ويكيمانيا 2010 في غادنسك بولونيا. ثم حضرت ويكمانيا 2014 في لندن. اعمل على نشر الثقافة التي تكمن وراء مشاريع ويكيمديا و ثقافة المصدر المفتوح و المعرفة الحرة و اراها السبيل لنهضة الامم التي تأخرت. انشئت مشروع ويكيلوجيا عام 2011 كتطوير على مشروع ويكي سيريا 2006. و محاضرات تعريف عام 2009 في جامعة دمشق. و لقولبة متابعة ظاهرة التعاون الجديد كما كان يبرزها المتحدثون في مؤتمر تيد. حيث اقمت مع طلابي صالونا لمشاهدة أحاديث تيد و التعليق عليها و على سبل الاستفادة منها في المجتمع السوري. ويكيلوجيا هو مصطلح اردنا منه ان ندرس خصائص و تطبيقات التعاون الجديد الذي اصبح ممكنا بسبب التكنولوجيا. حيث اصبح من الممكن أن يتعاون الناس بشكل غير متزامن على اتساع الجغرافية و عبر الثقافات و بدون حواجز تفاوت العمر و الخبرة و القيود الاجتماعية بين الجنسين. حاصلة على الدكتوراه في علم الويب من جامعة ساوثهامتون، بريطانيا. وبحثي كان عبر تخصصي يتناول سؤالا من العلوم السياسية ( مبدأ هابرماس : الحيز العام ) و يجيب عليه باساليب كمية مستفيدة من نظرية الشبكات الاجتماعية و تحليلها. و استهدف التحليل النظر في مشاركة النساء الناشطات في الحيز العام على شبكات التواصل. أقيم حاليا في مانشستر.بريطانيا واقوم على انشاء مؤسسة غير ربحية لرصد التشابك الثقافي بين الغرب و الشرق. بالاضافة لتدريس بعض المواد المعلوماتية كما كنت اعمل عندما كنت في جامعة دمشق. dtw3v0d7wj6m71mlsp1b4aq5rxzvdn0 407448 407447 2022-08-26T12:37:30Z Dew 14235 /* ندى البني */ wikitext text/x-wiki == ندى البني == ويكيبدية متحمسة لفكرتها منذ أن عرفتها و قدمت مساهمات قبل تسجيلي في 25 فبراير 2006 الساعة 19:53. تخللت هذه السنين الطويلة انقطاعات بعضها كان بسبب حظر ويكيبيديا في بلدي سوريا. لكنني بقيت مساهمة في نشر فكرتها بين طلابي في جامعة دمشق و الجمعيات العلمية في دمشق. نلت منحة لحضور مؤتمر ويكيمانيا 2010 في غادنسك بولونيا. ثم حضرت ويكمانيا 2014 في لندن. اعمل على نشر الثقافة التي تكمن وراء مشاريع ويكيمديا و ثقافة المصدر المفتوح و المعرفة الحرة و اراها السبيل لنهضة الامم التي تأخرت. انشأت مشروع ويكيلوجيا عام 2011 كتطوير على مشروع ويكي سيريا 2006. و محاضرات تعريف عام 2009 في جامعة دمشق. و لقولبة متابعة ظاهرة التعاون الجديد كما كان يبرزها المتحدثون في مؤتمر تيد. حيث اقمت مع طلابي صالونا لمشاهدة أحاديث تيد و التعليق عليها و على سبل الاستفادة منها في المجتمع السوري. ويكيلوجيا هو مصطلح اردنا منه ان ندرس خصائص و تطبيقات التعاون الجديد الذي اصبح ممكنا بسبب التكنولوجيا. حيث اصبح من الممكن أن يتعاون الناس بشكل غير متزامن على اتساع الجغرافية و عبر الثقافات و بدون حواجز تفاوت العمر و الخبرة و القيود الاجتماعية بين الجنسين. حاصلة على الدكتوراه في علم الويب من جامعة ساوثهامتون، بريطانيا. وبحثي كان عبر تخصصي يتناول سؤالا من العلوم السياسية ( مبدأ هابرماس : الحيز العام ) و يجيب عليه باساليب كمية مستفيدة من نظرية الشبكات الاجتماعية و تحليلها. و استهدف التحليل النظر في مشاركة النساء الناشطات في الحيز العام على شبكات التواصل. أقيم حاليا في مانشستر.بريطانيا واقوم على انشاء مؤسسة غير ربحية لرصد التشابك الثقافي بين الغرب و الشرق. بالاضافة لتدريس بعض المواد المعلوماتية كما كنت اعمل عندما كنت في جامعة دمشق. f0ysuon9ibo64nl89inrnl3pbf3xqzj 407449 407448 2022-08-26T12:40:44Z Dew 14235 wikitext text/x-wiki == ندى البني == ويكيبدية متحمسة لفكرتها منذ أن عرفتها و قدمت مساهمات قبل تسجيلي في 25 فبراير 2006 الساعة 19:53. تخللت هذه السنين الطويلة انقطاعات بعضها كان بسبب حظر ويكيبيديا في بلدي سوريا. لكنني بقيت مساهمة في نشر فكرتها بين طلابي في جامعة دمشق و الجمعيات العلمية في دمشق. نلت منحة لحضور مؤتمر ويكيمانيا 2010 في غادنسك بولونيا. ثم حضرت ويكمانيا 2014 في لندن. اعمل على نشر الثقافة التي تكمن وراء مشاريع ويكيمديا و ثقافة المصدر المفتوح و المعرفة الحرة و اراها السبيل لنهضة الامم التي تأخرت. انشأت مشروع ويكيلوجيا عام 2011 كتطوير على مشروع ويكي سيريا 2006. و محاضرات تعريف عام 2009 في جامعة دمشق. و لقولبة متابعة ظاهرة التعاون الجديد كما كان يبرزها المتحدثون في مؤتمر تيد. حيث اقمت مع طلابي صالونا لمشاهدة أحاديث تيد و التعليق عليها و على سبل الاستفادة منها في المجتمع السوري. ويكيلوجيا هو مصطلح اردنا منه ان ندرس خصائص و تطبيقات التعاون الجديد الذي اصبح ممكنا بسبب التكنولوجيا. حيث اصبح من الممكن أن يتعاون الناس بشكل غير متزامن على اتساع الجغرافية و عبر الثقافات و بدون حواجز تفاوت العمر و الخبرة و القيود الاجتماعية بين الجنسين. حاصلة على الدكتوراه في علم الويب من جامعة ساوثهامتون، بريطانيا. وبحثي كان عبر تخصصي يتناول سؤالا من العلوم السياسية ( مبدأ هابرماس : الحيز العام ) و يجيب عليه باساليب كمية مستفيدة من نظرية الشبكات الاجتماعية و تحليلها. و استهدف التحليل النظر في مشاركة النساء الناشطات في الحيز العام على شبكات التواصل. أقيم حاليا في مانشستر.بريطانيا واقوم على انشاء مؤسسة غير ربحية لرصد التشابك الثقافي بين الغرب و الشرق. بالاضافة لتدريس بعض المواد المعلوماتية كما كنت اعمل عندما كنت في جامعة دمشق. استهوتني ويكي مصدر و اعمل فيها حاليا و خصوصا على رقمنة الكتب التي وثقت معركة تحرير المرأة في بداية القرن العشرين و ما سبقها و ما تلاها. كما يستهويني التاريخ الذي يعينني في فهم الجذور لما آلت اليه الامور اليوم. df1doiswkwh3rczgchldrjx5xb6y74n صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/96 104 224969 407456 2022-08-26T14:49:25Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم|٢١٠|بشير بين السلطان والعزيز|}}{{سطر}}</noinclude>وبدأت المعركة قبل وصوله إلى [[W:ar:ضهور الشوير|ضهور الشوير]]، وما أن سمع الكومودور صوت الطلقات النارية في مؤخرة إبراهيم باشا - نار عمر بك النمساوي – في الساعة الثانية من بعد ظهر العاشر من تشرين الأول حتى بدأ بالهجوم الوجهي، فناوشت كتية من كتائب الكومودور ميسرة المصريين ثم تقدم الأتراك للهجوم بقيادة محمد سليم باشا والجنرال يوقموس الألماني وتسلقوا الأكمة التي كان يحتلها المصريون ولما بلغوا قمتها وواجهوا جنود إبراهيم انقطع هؤلاء عن إطلاق الرصاص وألقوا سلاحهم مستسلمين، ثم تقدم الأتراك وأعوانهم نحو الصف الثاني فاستقبلوا بادئ ذي بدء استقبالاً حامياً ولكن بعد نصف ساعة أدبر المصريون تاركين عتاداً كثيراً وست مئة أسير، وفصل الظلام بين المتحاربين فانهزم إبراهيم باشا بمن بقي من رجاله إلى [[W:ar:قرنايل|قرنايل]] فالبقاع. وكان إبراهيم فيما يظهر يتوقع هجوماً من قبل الحلفاء فانتقى ميدان القتال بنفسه وطلب معونة من بيروت ومن زحلة ولكن حركة بشير الثالث الالتفافية حالت دون وصول أية معونة من زحلة واحتلال برمانا وتلالها قضى على أية إمكانية من ناحية بيروت<ref>الحرب في سورية لنايبر نفسه ج ١ ص ١٤٧ - ١٤٩ وإنكلترة والقرم للدكتور تمبرلي ص ١٢٤-١٢٦</ref>. ورجحت كفة الخلفاء وانتهت المهلة المعطاة للشهابي الكبير ونودي بنسيبه بشير الثالث على لبنان فرأى أن يستفيد مما عرضه الحلفاء عليه ومضى في رأيه فاستدعى أولاده وأحفاده وجمع أوراقه وأمواله وعقد ضميره على النزول إلى صيدا للاستسلام. ووافق هذا كله وجود حنا بحري بك إلى جانبه ففاتحه هذا كلاماً في هذا الموضوع مخافتاً فأجابه الشهابي الكبير «قل لباشتك، البلاد أصبحت كلها صوتاً واحداً فلا فائدة من المقاومة». فقام بحري بك من بتدين إلى عين زحلتا والتقى فيها بالسرعسكر المصري فأخبره بما جرى وعادا معاً إلى البقاع<ref>حروب إبراهيم باشا المصري للقس أنطون الحلي ج ۲ ص ٥۹ و٦٠ والجواب على اقتراح الأحباب لمخائيل مشاقة - نسخة جامعة بيروت الأميركية ص ٢٩٨ والمذكرات التاريخية للخوري قسطنطين الباشا ص ٢١٤</ref>. ونهض الأمير الكبير بمن معه من بتدين إلى صيدا في الحادي عشر من تشرين الأول ولدى وصوله إلى جسر الأولي في خارجها أعلم المتسلم خالد باشا بحضوره فهب لاستقباله عند الجسر. وفي اليوم التالي دخل الأمير إلى صيدا بموكب حكومي شعبي عظيم. ثم قام من صيدا إلى بيروت على ظهر مركب بخاري إنكليزي لمواجهة الأميرال فاستقبله هذا بما لاق من الإكرام والاحترام ولكنه أعلمه أن لا مفر من التنازل عن<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> sfz7kq131zbx602t5dia02jyk94isj2 قالب:مقطع صوتي 10 224970 407463 2022-08-26T17:30:34Z Sajeda bani ahmad 60495 جديدة '{{مقطع صوتي | التعليق العلوي = تسجيل صوتي | ملف الصوت = ʿīnāk ġābtā(bdr šākr al-sīāb)beginning of poem.mp3 |تعليق سفلي = أول ثلاثة أبيات من القصيدة}}' wikitext text/x-wiki {{مقطع صوتي | التعليق العلوي = تسجيل صوتي | ملف الصوت = ʿīnāk ġābtā(bdr šākr al-sīāb)beginning of poem.mp3 |تعليق سفلي = أول ثلاثة أبيات من القصيدة}} 4gm8k0b37mhs6oaa1n11sz39ecb6u9q صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/97 104 224971 407464 2022-08-26T17:46:46Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم||الفصل الرابع عشر: الجلاء|٢١١}}{{سطر}}</noinclude>الحكم ومغادرة البلاد وطلب أن يختار محلاً لإقامته خارج بر الشام ومصر وفرنسة فانتقى جزيرة مالطة ولذا لُقِّب بالمالطي. ثم أرسل حفيده محموداً يسأل الوزير أمراً يمنع التعدي على أرزاقه وذويه فأعطي له وأرجع بولده وحفيده إلى صيدا. ولما بلغها استدعى إليه ولده خليلاً وحفيده داود وأبقاهما في المركب وخرج هو المدينة يتأهب للسفر. وبعد خمسة أيام عاد إلى المركب مصحباً معه زوجته وأولاده وزوجة ولده الأمير قاسم وحفـدته الخمسة أولاد الأمير خليل وحفيده الأمير رشيد قاسم (وكان أمين ومحمود لا يزالان في المركب) ومدیر أموره بطرس كرامة وحوالي سبعين رجلاً من خدامه بينهم مؤرخه فيما بعد رستم باز<ref>أخبار الأعيان لطنوس الشدياق ص ٦١٠ – ٦١١ راجع أيضاً حروب إبراهيم باشا المصري للقس أنطون الحلبي ج ٢ ص ٦٣-٦٤ تجد أسماء عدد كبير من أفراد الحاشية الذين رافقوه إلى منفاه وليس في المراجع الفرنجية المنشورة ما يزيدك تفصيلاً أو يخالف ما ورد أعلاه بمخالفة ذات شأن.</ref>. وكان بشير الثالث قد اتخذ من الشوير قاعدة لأعماله الحربية في المتن بعد القاطع فاحتفل فيها بانتصاره على إبراهيم باشا وقام الشويريون بقسط وافر من أعمال الفرح فقرعوا أجراس الكنائس والأديار وحرقوا البارود وتباروا بالسيف والترس واشتركت الشويريات في ذلك كله وأنشدن: {{بداية قصيدة}} {{بيت|يا مير بشير وفرّع الشقطية|واضرب بسيفك ولا تقول خطيّة}} {{بيت|باعت السلطان يقول يا قوي القلب|اضرب واقتل وعلّي المشنقة عالدرب}} {{نهاية قصيدة}} ثم قام الأمير من الشوير إلى حمانا وجمع المناصب إليه وطلب إليهم أن يكتبوا صك اتفاق فيما بينهم وكانوا بمن معهم ألفاً وخمس مئة رجل فنفروا منه لأنه لم يبلغ أحـداً منهم مأثوره ولأنه جعل أخصَّاءه من أقاربه واتخذ من الخواجه فرنسيس مسك البيروتي مدبراً له. فشق ذلك عليهم ولا سيما أولئك الذين جرت العادة أن يكون المدبر منهم منذ فخر الدين حتى بشير. وطلب الأمير الجديد إلى الوزير العثماني أن يرسل عسكراً إلى حمانا للمحافظة من إبراهيم باشا فأبى. وفر في هذه الآونة مجيد حفيد الشهابي الكبير من المعسكر المصري في بعلبك وقصد صيدا فوقع في يد بشير الثالث في حمانا فسيّره هذا إلى بيروت فطيب محمد عزت باشا قلبه وبعث به إلى مالطة<ref>أخبار الأعيان لطنوس الشدياق ص ٦١١-٦١٢</ref>.<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> mpbnxuf6mqdb7lr6lq55gehixs5xgls صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/98 104 224972 407465 2022-08-26T18:02:26Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم|٢١٢|بشير بين السلطان والعزيز|}}{{سطر}}</noinclude>'''عكة:''' وبعد جلاء المصريين عن بيروت وساحلها والتلال المشرفة عليها جلوا عن طرابلس واللاذقية وأدنة دون قتال وبقوا في ساحل فلسطين فاتجهت أنظار الحلفاء إلى عكة وكتب الوزير البريطاني الفيكونت بالمرستون في الخامس من تشرين الأول بوجوب احتلالها ولكنه اشترط ضمان النجاح. وتلقى الأميرال السر روبرت أوامر حكومته هذه في أواخر الشهر نفسه فأصدر أمره في التاسع والعشرين إلى عمر بك النمساوي بالتقدم براً من صيدا إلى عكة بألفي مقاتل وأقلع هو من بيروت بعد ذلك بيومين بسفنه وبثلاثة آلاف مقاتل عثماني بقيادة محمد سليم باشا. ووصل عمر بك النمساوي إلى الناقورة في الوقت المحدد له أي في الثاني من تشرين الثاني الوقت نفسه الذي أطلت فيه السفن على عكة. ولكن الرياح جرت في ذلك اليوم بما لم تشته سفن الحلفاء فأرجئت الأعمال الحربية إلى اليوم التالي<ref>الحرب في سورية لنايبر ج ١ ص ۱۹۷-۲۱۱</ref>. وكان العزيز قد أمر بترميم عكة بعد أن استولى عليها في ربيع السنة ١٨٣٢ وألمح بوجوب الإسراع في ذلك فباشر المهندس الإيطالي رومانيوس أعمال الترميم في أواخر تموز من السنة نفسها<ref>المحفوظات الملكية المصرية ج ٢ ص ۲۰ و۲۲ و٥۱ و٥٦</ref> وفي السنة ١٨٣٦ وضع الكولونيل شولتر البولوني تصميماً لتحسين الحصون والأسوار من جهتي البر والبحر ورفعه إلى السرعسكر المصري ولكن هذا أجل النظر فيه لأنه لم يكن يتوقع هجوماً منظماً من البحر. وفي آذار السنة ١٨٤٠ أرسل شولتر نفسه إلى عكة للاهتمام بأسوارها البحرية فوجدها كما عهدها حوائط عادية. ولما كان لا يمكنه أن يحولها إلى أسوار منيعة نظراً لضيق الوقت عمد إلى تدعيمها بالتراب حتى أعلاها في نقاط متعددة وركب مدافعها بما أوتي من فن وحكمة ولكن هذه كانت قليلة العدد لم تتجاوز بمجموعها الإثنين والسبعين بعضها من عيار ١٢ والبعض الآخر من عيار ١٦ و٢٤<ref>تاريخ محمد علي لبول موربیه ج ۱ ص ۳۳۸-٣٤١</ref>. وكانت سفن الحلفاء تحمل أربع مئة وسبعين مدفعاً من عيار ٣٢ و٦٨ و٨٠. وفي الساعة الثانية من بعد ظهر الثالث من تشرين الثاني صب الحلفاء نيران مدافعهم على المدينة وأسوارها فأسكتوا بعض مدافع الأسوار البحرية وأحدثوا بعض الثغرات في هذه الأسوار. ولكنهم حوالي الساعة الرابعة وفقوا إلى إصابة مستودع الذخائر الكبير بين السورين البريين وراء خان الحمير فتفجرت محتوياته وتهدم ثلث البلدة كما انفتحت فجوتان كبيرتان في السورين وذهب ضحية هذا الانفجار عدد كبير من الجنود المصريين قُدر بثلاثة<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> sgw62snre6ulljjmmgqn1428pk2vli3 صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/99 104 224973 407466 2022-08-26T18:25:13Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم||الفصل الرابع عشر: الجلاء|٢١٣}}{{سطر}}</noinclude>آلاف. وعند المساء سكت الإنكليز وباتوا ينتظرون الضحى لمتابعة القتال. وحاول الأميرال العثماني السر بولدوين ووكر إنزال بعض الجواسيس في الساعات الأولى من الليل مرتين ولكنه لم يفلح. واجتمع المسؤولون عن عكة في تلك العشية التقرير المصير. وكان قد بدأ اليأس ينخر في قلب أحدهم الشيخ سليمان عبد الهادي مدير إيالة صيدا وحليف العزيز وابنه إبراهيم. فأشار في هذه الجلسة التاريخية إلى انهيار معنويات الجند من جراء تهديم الأسوار وإلى تزايد عدد المرضى والجرحى وصعوبة تأمين المواد الغذائية فاستحسن رأيه كل من محمود نامي بك محافظ بيروت قبل سقوطها وإسماعيل عاصم بك حكمدار حلب الذي كان قد تسلم قيادة الحامية بنفسه. أما الكولونل شولتر فإنه أشار بالصمود في وجه الإنكليز على الرغم مما جرى ورأى أن تستبدل المدافع المعطلة وأن يصار إلى حماية الفجوتين البريتين بالطرق الحربية العادية وأضاف قائلاً ليس أهون علينا من متابعة القتال ثلاثة أيام أخرى يعود الإنكليز بعدها من حيث أتوا فلا يرجعون إلينا إلا بعد انتهاء فصل الشتاء. فعمل المجلس برأي سليمان عبد الهادي وقرروا الجلاء بسرعة تحت جناح الظلام ففروا جماعات جماعات فتخطفهم القرويون وأعادوا نصفهم تقريباً إلى الإنكليز في اليوم التالي. وبين هؤلاء الأسرى محمود نامي بك نفسه. ولم يبق في عكة من الرجال المحاربين سوى قسم من المدفعين الذين قاموا بواجبهم حق قيام وما فتئوا حتى وصل الإنكليز إليهم في اليوم التالي<ref>تاریخ محمد علي لبول مورييه ج ۱ ص ۳۳۸-٣٤١</ref>. وبعد أن حاول الأميرال العثماني إنزال جواسيسه إلى عكة في مساء الثالث ومني بالفشل مرتين جاءه عند منتصف الليل نفسه من نقل خبر الجلاء السريع ورحب بالعثمانيين والإنكليز والنمساويين. وفي صباح الرابع نزل الأرشدوق فرديريـك النمساوي على رأس قوة نمساوية مؤلفة من ثمانين مقاتلاً وأسرع نحو برج الخزنة فاحتله ورفع العلم النمساوي فوقه وتبعه الأميرال العثماني السر بولدوين ووکر بثلاث مئة عثماني فغيره وغيرهم. وألقي القبض على الكولونيل شولتر جريحاً فنقل إلى إحدى السفن البريطانية. واستولى الحلفاء على خمس مئة وخمسين مدفعاً ومليونين ونصف المليون من الغروش كما ألقوا القبض على ثلاثة آلاف أسير<ref>إنكلترة والقرم للدكتور هارولد تمبرلي ص ١٢٩ وتاريخ محمد علي لبول مورييه ج ٢ ص ٣٣٧ اطلب أيضاً تاريخ الأسطول المصري الأميرال ديرانفيل ج ٢ ص ٢٣٤-٢٣٦ وکتابنا الأصول ج ٥ ص ۲۲۰</ref> وخسروا ضابطاً وسبعة عشر نفراً وتعطلت ثلاثة من مراكبهم.<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> rb681oqk15yfop0zloz64ru9ng2uq6n صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/100 104 224974 407467 2022-08-26T19:06:33Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم|٢١٤|بشير بين السلطان والعزيز|}}{{سطر}}</noinclude>وأسرع قائد القوات العثمانية محمد سليم باشا إلى استغلال الموقف فحرر إلى وجوه فلسطين وأعيانها بما تم له في عكة وقال في مرسوم له وجهه إلى الشيخ أحمد عبد الرحمن أبي غوش في قرية العنب – طريق يافة القدس – «نهار أمس تاريخه قد نشرت أعلام الدولة العليـة على أسوار مدينة عكة إذ قد حضرنا إليها بحراً بالعساكر الظافرة واستولينا عليها في ظرف ساعتين ونصف وأعلنا الأمان فيها إلى الجميع وكشف الله من أبصار ألفين وطلب الأمان ثلاثة آلاف». وعين محمد عزت باشا والي صيدا الجديد محمد أفندي حمدي قاضي القـدس قائممقاماً من قبله لإدارة شؤون فلسطين مؤقتاً ولإرهاق العساكر المصرية واتقاء القبض على إسماعيل بك. فاتخذ القاضي القائمقام إجراءات عدة منها تثبيت أعضاء مجلس شورى القدس وتعيين حسن آغا المجري تفكجي باشي وأحمد آغا مراد طوبجي باشي والشيخ صبيح سوكه شيخاً على بيت لحم والشيخ عطا الله محمود عريقات ناظرين على ناحية الوادي وعرب التعامرة والشيخ إسماعيل السمحان ناظراً على ربع جبل القدس. وفعل ما يماثل هذا في مقاطعات غزة ویافة والخليل ونابلس وجنين وشفا عمر وغيرها<ref>كتابنا الأصول ج ٥ ص ۲۱۹-۲۳۱</ref>. وتحفظ سجلات المحكمة الشرعية في القدس التفاتاً خاصاً نحو الشيخ عبد الرحمن العمر أحد أعيان الخليل فتشير إليه بالتعبير «محسوب الدولة»<ref>المرجع نفسه ج ٥ ص ۲۳۲</ref>. ورأى قائد القوات البرية الجنرال السر تشارلس سميث أن طول الشاطئ الذي احتله وقلة الجنود لديه وضآلة تدريبهم رأى أن هذه الأمور جميعها تجعل التوغل في داخل البلاد الشامية ضرباً من الجنون لا تجيزه القواعد العسكرية. أما الكومودور السر تشارلس نابيير فإنـه ارتأى أن تتقدم جنود الحلفاء عبر السلسلة الغربية إلى زحلة فصادف رأيه هذا معارضة شديدة من رئيسه الأميرال السر روبرت ستوبفورد ومن القائد البري الأعلى السر تشارلس سمیث<ref>إنكلتره والقرم للدكتور هارولد تمبرلي ص ۱۲۹-۱۳۰</ref>. '''موقف العزيز:''' وكان العزيز لا يزال يعول على الامتناع بعكة بدليل ما اتخذه من إجراءات قبيل سقوطها. فإنه كتب إلى ابنه إبراهيم في الرابع والعشرين من تشرين الأول يقول أن كاتباً درزياً في الإسكندرية تبدو عليه علائم «الذكاء والشيطنة» ارتأى إرجاع المنفيين من زعماء الدروز إلى لبنان ليعاونوا السرعسكر في سياسته الداخلية.<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> skxxivkhfmwjofw1bsovl2e5qogh8bw صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/101 104 224975 407470 2022-08-26T19:22:21Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم||الفصل الرابع عشر: الجلاء|٢١٥}}{{سطر}}</noinclude>ثم عاد فكتب أنه منح رتبة الميرالية إلى كل من نعمان جنبلاط ونصيف أبي نكد وخطار العماد وعبد السلام العماد وأنه عينهم في مناصب في لبنان وسلمهم نياشينهم وإرسلهم إلى صوب السرعسكر<ref>المحفوظات الملكية المصرية ج ٤ ص ٤٧٠ و٤٧٢-٤٧٣</ref>. ولكنه عندما علم بفاجعة عكة حوالي التاسع من تشرين الثاني كتب إلى إبراهيم يفيد أن البقاء في بر الشام سيتعذر عليه بعد سقوط عكة ولذا فانه يأمره بجمع العساكر وبالعودة بهم إلى مصر<ref>المرجع نفسه ج ٤ ص ٤٧٣</ref>. وأبدى العزيز لمناسبة سقوط عـكة وارتداد الشهابي الكبير قبل ذلك رباطة جأش ورجاحة عقل لا نجدهما إلا في صدور أفذاذ الرجال، فقد قال رحمه الله في أواخر تشرين الأول إلى قنصل فرنسة العام المسير كوشله مشيراً إلى تخلي الشهابي الكبير كلاماً أثار إعجاب القنصل. فهذا يقول في تقرير له أن العزيز ذكر بشيراً دون ألم أو قـدح وحاول أن يرفع عنه اللوم فيا صنع رافضاً أن ينسب إليه أية خيانة مرجعاً ارتداده إلى الظروف القاهرة. وقال إلى كوشله نفسه في التاسع من تشرين الثاني ولمناسبة سقوط عكة: لقد ارتكبنا الغلط في بر الشام ولكننا رفعنا المظالم ولا يوجد اليوم أية سلطة قادرة على ضبط الأحكام في هذا القطر. وقد يعود الشوام إلي إذا سمح الظرف بذلك. لقد أحييت الزراعة والتجارة في بر الشام واحترمت جميع الملل والأديان ورفعت العوائد عن كاهل النصارى، وقد لا يمضي وقت قصير حتى يضيع كل هذا<ref>كوشله إلى تيير: مجموعة إدوار دریو مصر وأوروبة ج ٣ ص ٤٠٦ - ٤٠٧ وج ٤ ص ٤٢ و٤٤</ref>. '''فرنسة والدول:''' وقامت فرنسة وقعدت حكومة وشعباً عندما علمت بعزل العزيز من منصبه وبضرب بيروت وتهديها فتدنت أسعار البورصة وتغنى الفرنساويون بالمارسياز في الأندية والباحات ونادى الرعاع بالحرب قائلين لقد أخذ الإنكليز بيروتنا!<ref>المسالة الشرقية للفيكونت ده غويسّن ص ۳۸۲-۳۸۳ و٢۹٥-٣٩٦</ref> وحَرِب تيير واشتد غضبه فسطَّر في الثامن من تشرين الأول مذكرته الشهيرة إلى زميله الفيكونت بالمرستون مؤكداً فيها ضرورة بقاء العزيز في منصبه للمحافظة على التوازن الدولي تاركاً تعيين الحد الفاصل بين ممتلكاته وبين ممتلكات سيده وسلطانه في بر الشام إلى الحرب القائمة فيها<ref>نيير إلى غيزو - الكتاب الأزرق البريطاني ج ۲ ص ۲۷۰-۲۷۲</ref>. وعرض الوزير البريطاني محتويات هذه المذكرة على زملائه الوزراء في جلسة<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> p0crl3x6jd6uy63wrot2qtv2gh5prjh صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/102 104 224976 407471 2022-08-26T19:38:46Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم|٢١٦|بشير بين السلطان والعزيز|}}{{سطر}}</noinclude>رسمية واقترح إبقاء العزيز في منصبه في مصر مدى حياته فقط فأسقط زملاؤه هذا الاقتراح حالاً وقامت التيمس تلح بوجوب قبول الاقتراح الفرنسي مؤكدة أن اقتراع بالمرستون الأخير لا يقول به إلا من كان بستخف اللورد بونسونبي السفير البريطاني في الآستانة<ref>جريدة التيمس تاریخ ۱۷ و۲۰ تشرين الأول سنة ١٨٤٠</ref> ولو وقف تيير عند هذا الحد ولم يهدد سفير بريطانية في باريز بالحرب إذا فشلت مفاوضاته هذه الأخيرة لكان ذلك أنفع وأنجع فإنه استفز زميله البريطاني واضطره أن يذكره بماضي فرنسة القريب وبمطامعها العسكرية واستعداد من تحالف ضدها في عهد بونابرت أن يعود إلى تحالفه<ref>بالمرستون إلى غرانفيل: الكتاب الأزرق ج ٢ ص ٣١٤-٣١٥</ref>. فاضطرب الملك لهذا كله وخشي سوء العاقبة ولا سيما وأن أحد الثورويين كان قد حاول اغتياله وأن بعض الجرائد كانت قد ألمحت إلى وجوب تنازله فرفض أن يتبنى لهجة تيير العسكرية وأدى رفضه هذا إلى استقالة وزارة ذاك فشكل الوزارة الجديدة المارشال ڤيکتور سولت وتولى وزارة الخارجية فرانسوا غيزو سفير فرنسة في لندن وذلك في التاسع والعشرين من تشرين الأول سنة ١٨٤٠. وحاول غيزو أن يستغل ظرف استقالة الوزارة السابقة لصالح فرنسة فقـال لبالمرستون مودعاً أنه لا بد من استجابة بعض مطالب فرنسة للمحافظة على كرامتها ولتسهيل مهمة الوزارة الجديدة السلمية. ثم عاد فاتصل بسفير بريطانية في باريز مقترحاً إيقاف الأعمال الحربية في بر الشام واعتبار الوضع الراهن فيها أساساً لحل المشكلة أو التعريض عما يفقده العزيز من بر الشام بسلطة له في مكان آخر كجزيرة كريت مثلاً<ref>غرانفيل إلى بالمرستون: الكتاب الأزرق ج۳ ص ۱-۲</ref>. ولكن شيئا من هذا لم يؤثر في قلب بالمرستون الذي خشي أن يسيء الإفرنسيون فهم مثل هذا الحل فيظنون أن تهديداتهم أثمرت فأينعت. وفي أول تشرين الثاني سطر رده الشهير على مذكرة تبير المؤرخة في الثامن من تشرين الأول فأنكر على فرنسة أن يكون لكيان العزيز أية علاقة بالتوازن الدولي وأضاف أن بقاء جيش العزيز يهدد سلم الدولة العثمانية وسلامتها<ref>بالمرستون إلى غرانفيل: حياة بالمرستون للسر هنري بولور ج ٢ ص ٣٤٧ الكتاب الأزرق ج ۲ ص ۳۳۸-٣٤٠</ref>. فخيَّب غيزر بمذكرته هذه وأثار عاصفة النقد في أوساط لندن أدت إلى تبكيته في جريدة التيمس<ref>عدد ١٣ تشرين الثاني سنة ١٨٤٠</ref>. ولم توافقه حكومات حلفائه على تطرفه هذا فكتب مترنيخ إلى ممثل حكومته في لندن موافقاً<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> 3xszcup2xye6rjrn5lldot8ew9xunlf صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/103 104 224977 407472 2022-08-26T20:04:15Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم||الفصل الرابع عشر: الجلاء|٢١٧}}{{سطر}}</noinclude>على إبقاء مصر بيد العزيز حكماً وراثياً. وكتب نسلرود إلى تيتوف ممثل حكومته في الآستانة بمثل ما تقدم. فعقد ممثلو الدول المتحالفة اجتماعاً في لندن أسفر في الرابع عشر من تشرين الثاني عن مذكرة دولية جديدة أشاروا بها على الباب العالي بإعادة محمد علي إلى منصبه في مصر وكتب بالمرستون في التاريخ نفسه إلى الأميرال السر روبرت ستوبفورد يأمره بإرسال ضابط قدير إلى الإسكندرية بطلب إعادة الأسطول المباني في ظرف ثلاثة أيام وإصدار الأوامر بالجلاء عن كريت وأدنة وبر الشام وبلاد العرب نقول يطلب هذا فيعدانه إذا فعل العزيز توسطت الدول وأشارت على الباب العالي بوجوب إعادته إلى منصبه في مصر<ref>الكتاب الأزرق ج ٣ ص ۱٤-۱٥ و۱۷ و۲۱-۲۲</ref>. '''أمام الإسكندرية:''' وأوفد الأميرال السر روبرت ستوبفورد زميله القدير الكومودور السر تشارلس نابيير على رأس عمارة بحرية إلى الإسكندرية لتنفيذ أوامر حكومته. ولدى وصوله إليها حرر كتاباً إلى بوغوص بك ناظر الخارجية المصرية يفيده به أنه أوفد بصفة خصوصية الكابتان مونسيل أحد معارف الحضرة الخديوية يلتمس إطلاق سراح أمراء جبل الدروز (لبنان) وشيوخه الذين ألقي القبض عليهم في شهر تموز أو لمبادلتهم بغيرهم من الأسرى. ويفيد أيضاً أن أكثر هؤلاء حبسوا بتحريض من الأمير بشير أمير جبل الدروز لمجرد الاشتباه بطاعتهم. ثم يضيف أن حكومة الأمير المشار إليه كانت خالية العدل والإنصاف وأنه ليست هنالك أية فائدة تجنى من بقاء هؤلاء في الأسر إذ أن جبل الدروز أصبح حراً سالماً وبالتالي فإنه لن يدخل في حكم محمد علي مهما حدث في غيره من جهات بر الشام. وبعد أن فرش هذا الفرش انتقل إلى صلب المهمة الموكولة إليه فقال أنه مما لا شك فيه أن خديوي مصر يعلم أن الدول المتحدة موافقة على إبقاء حكومة مصر في عهدته بطريق الموارثة وأنها مستعدة لتأمين ذلك. فهل يسمح سموه لهذا القائد البحري المسنّ أن يشير عليه بطريق سهل يؤدي إلى الصلح مع السلطان ومع سائر دول ـوروبة العظمى. إذا أعاد خديوي مصر الأسطول العثماني عن طيبة خاطر وبدون شرط أو قيد واستدعى جنوده من بر الشام تزول عندئذِ مصائب الحرب والقتال ويقضي الخديوي بقية عمره راضياً مطمئناً ساعياً لتحقيق الوسائل التي تضمن الأمن والدعة لسكان بلاده ويستطيع بذلك أن يضع أساساً لعرش بطالمة جديد. إن قوة عسكرية قوامها ستة آلاف تركي وثلاثة آلاف بحـار قد استولت على صيدا وبيروت في شهر واحد وهزمت الجيش المصري في معارك ثلاث وقبضت على عشرة آلاف أسير الأمر الذي أدى إلى إخلاء جميع الموانئ الساحلية ومعابر<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> 3s047snn4rf5kdgiy9citvruonrx6ou صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/104 104 224978 407473 2022-08-26T20:21:27Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم|٢١٨|بشير بين السلطان والعزيز|}}{{سطر}}</noinclude>طوروس وجبل الدروز مع العلم بأن هذه الأعمال تمت أمام جيش مؤلف من ثلاثين ألف مقاتل. وقد استولى أسطول الدول على قلعة عـكة مفتاح بر الشام في خلال ثلاث ساعات. وإذا أصر حضرته على مواصلة القتال فهل يسمح لي أن أسأله ما إذا كان يضمن بقاءه في مصر. إني لمن المعجبين به للغاية وأفضل أن أكون صديقه على أن أكون عدواً له وعليه فإني أقول له قول صديق مخلص: إذا لم يوافق على عقد الصلح مع السلطان سيفقد أمله في الاحتفاظ بمصر. فعساكره الموجودون في بر الشام متذمرون والشوام مسلحون يناهضونهم فإذا ضم جانب من القوة العسكرية إلى القدر الموجود من عساكر الترك ولهجم بهذه القوة على إبراهيم باشا سيضطر دولته إلى القاء السلاح. وجميع جنود الأسطول العثماني متذمرون أيضاً وقد فر قائدهم منذ أيام مع بعض ضباطه والتجأ إلى أسطولنا وما زال فيه. والجنود الشاميون الموجودون في مصر متشوقون للعودة إلى بلادهم. وقد أوقف صرف مرتبات العساكر مدة مديدة. ولا يزال في الآستانة من الأسرى المصريين عدد يتراوح بين اثني عشر ألف وخمسة عشر ألف جندي وقد صرفت مرتباتهم وألبسوا الملابس وجرى تنظيمهم وترتيبهم. فليتفضل حضرة الخديوي وليلاحظ ما يحدق به من خطر. فإذا سيقت هـذه العساكر إلى القطر المصري لظهر عندئذٍ أن مصر لا تعد بلدة لا يمكن فتحها وأن الإسكندرية تشارك عندئذ عكة في مصائبها ومصيرها<ref>المحفوظات الملكية المصرية ج ٤ ص ٤٧٤-٤٧٥</ref>. وحاول العزيز ألا يربط نفسه بالتمام فكتب الكومودور ثانية واضعاً النقط على الحروف فقبل العزيز بتنفيذ مطالب الإنكليز شرط تسلمه قرار الدول الفخيمة إذ يكون هو قد أكمل إعداد الأسطول العثماني للرحيل كما قبــل بتسفير الوجوه اللبنانيين حالما يصلون من سنار. ووافق أيضاً على إيقاف القتال فوراً وعلى إرسال ضابط من قبله بمعية ضابط إنكليزي يحملان الأمر بإيقاف القتال إلى إبراهيم باشا<ref>المحفوظات نفسها ج ٤ ص ٤٧٦ - ٤٨١</ref>. وتم هذا كله في الثاني والعشرين والثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني سنة ١٨٤٠. '''الجلاء والعودة:''' وكان السرعسكر المصري قد جعل من زحلة قاعدة حربية منذ انهزامه في بحرصاف يجمع عساكره إليها وينتظر تطور الموقف وأوامر والـده. وحوالي منتصف تشرين الثاني تسلم من والده أمراً سرياً يقضي يجمع الرجال والعودة بهم إلى مصر فنهض بالعساكر وسار إلى دمشق. وبلغ الأمير اللبناني قيامه فنهض بعسكره من حمانا.<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> 7e0zx6ar91r74txq89t2b2r2nan20pw صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/105 104 224979 407475 2022-08-26T20:56:05Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم||الفصل الرابع عشر: الجلاء|٢١٩}}{{سطر}}</noinclude>إلى قب الياس وجمع أبو سمرة غانم فرساناً حوله وتأثر السرعسكر حتى وادي المجدل فشن الغارة عليه وعاد إلى قب إلياس. ثم أرسل بشير الثالث أخاه الأمير عبد الله والأمير قيس ملحم بخمس مئة فارس إلى نواحي دمشق لتقوية الشعب على الخروج عن الطاعة وأرسل الأمير أسعد قعدان إلى خربة روحا للمحافظة على وادي التيم. ولما وصل الأمير عبد الله والأمير قيس إلى قرية الصويرة أقبل الأمير مجيد الحرفوش بجماعته منهزماً وانضاف إليهما، وفي اليوم الثالث نهض الجميع إلى بعلبك ومنها إلى الزبدانة فالتقاهم الأمير خنجر الحرفوش بفرسانه وانضاف إليهم<ref>أخبار الأعيان لطنوس الشدياق ص ٦١٢-٦١٣</ref>. ولدى وصول السرعسكر إلى دمشق أصدر أوامره إلى قادة القطع في الشمال بالانسحاب فقطوا منتظمين محافظين على النظام، ولم ينهبوا سوى المعرة وحمص لأن أهاليها رفضوا تقديم المؤن. ففي حمص أقفلت المطاعم أبوابها في وجوه الجند وأبى الأهالي أن يبيعوا الجنود ما لزمهم من المواد الغذائية بيد أن قائد الجند قتل من ثبتت عليه جريمة النهب<ref>مذكرات تاريخية للخوري قسطنطين الباشا ص ۲۲٥ و٢٢٦</ref>. وبعدما احتشد الجيش في دمشق وضواحيهـا وقع المطر بغزارة واستمر بضعة أيام وكان البرد قارساً فاضطر الجيش النازل في ضواحي دمشق أن ينتقل إلى داخلها فاحتل عدداً كبيراً من الحوانيت والحانات والمقاهي والمنازل المحاذية للشارع ما بين السنانية وبوابة الله، واحتل أيضاً جوامع المدينة ما عدا الجامع الأموي وجامع السنانية فارتفعت أسعار الماكولات واحتكر الجيش المطاحن والأفران وسخر الدواب فحدث ضيق شديد. وكان إبراهيم باشا في أثناء ذلك يعاقب بشدة من يحاول التملص من تقديم ما يطلب منهم من المؤن والعلف. وجـد في تحصيل البواقي المطلوبة من دمشق والقرى المجاورة فسمح بنهب تلك التي أحجمت عن تقديم المطلوب. وكان من الطبيعي أن يفر السوريون واللبنانيون من صفوف الجيش فيعودون إلى أهلهم وينضمون إلى المحاربين. وكان بين هؤلاء شبلي آغا العريان فاعترض قوافل الذخيرة واضطر السرعسكر أن يقوم إليه بنفسه<ref>المذكرات نفسها ص ٢٢٦</ref> ومن هنا ما أشرنا أليه سابقاً عن الأمير محمد الحرفوش وجماعته. وظهرت بوادر الخيانة بين الموظفين واتهم محمد شريف باشا نفسه بها. وتفصيل ذلك أنه تزوج في أثناء إقامته بدمشق من ابنة علي آغا صهر نصيف باشا العظم. ولدى رجحان الكفة في صالح الحلفاء فرَّ فردوس بك العظم أخو زوجة محمد<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> h9qsu2nrvfcy6qpaijogq4wt2czt4a4 صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/106 104 224980 407476 2022-08-26T21:23:59Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم|٢٢٠|بشير بين السلطان والعزيز|}}{{سطر}}</noinclude>شريف باشا إلى جانب الحلفاء وعاد خلسةً إلى دمشق قبل وصول السرعسكر إليها واتصل بمحمد شريف باشا. فعلم بذلك يوحنا بحري بك ونقل الخبر إلى إبراهيم باشا قبيل قيامه من زحلة. فلما وصل السرعسكر إلى دمشق أمر بإلقاء القبض على الحكمدار للتحقيق وأرجأ المحاكمة ليقوم إلى مصر<ref>بحري بك إلى حسين باشا: المحفوظات الملكية المصرية ج ٤ ص ٤٩٢ راجع أيضاً الجواب على اقتراح الأحباب لمخائيل مشاقه ص ٣۰۰-٣٠٤ و٣٠٦-۳۰۸</ref>. وقبل خروجه من دمشق دعا السرعسكر إليه أعيان البلد ووجوهها وطلب إليهم أن ينتخبوا متسلماً عليهم فوقع اختيارهم على حسن بك الكحالة ثم نصح لهم أن يلازموا السكينة ويحافظوا على الأمن وهددهم بالعودة إليهم والانتقام منهم إن هم أساءوا معاملة أي كان من المسيحيين أو اليهود أو المسلمين. وغادرهم في التاسع والعشرين من كانون الأول سنة ١٨٤٠ متجهاً نحو المزيريب بخمسة وخمسين ألفاً من الجند وسبعة آلاف من ذويهم<ref>إبراهيم باشا إلى محمد علي باشا: المحفوظات نفسها ج ٤ ص ٤٩٥</ref>. وكان الجنرال السر تشارلس سميث قد أقيل من منصبه لعدم تفاهمه مع الكومودور السر تشارلس نابير وخلفه في قيادة جيوش الحلفاء الجنرال البارون أوغوستوس فون يوقموس الألماني العامل في صفوف العثمانيين وذلك في السادس عشر من كانون الأول من السنة ١٨٤٠ فنقل يوقموس مركز القيادة من بيروت إلى حاصبيا ليقترب من قاعدة الجيش المصري وتقدم اللبنانيون من الزبدانة إلى الهامة وكانت عساكرهم نحو ألفي فارس. وكان الجنرال يوقموس قد أرسل جواسيسه إلى دمشق نفسها يدعون جنود إبراهيم إلى الانضواء تحت لواء السلطان ويعدونهم بالمكافأة وحسن المعاملة ففر على إثر ذلك نحو مئة ضابط وثمان مئة جندي. واتصل خبر انسحاب المصريين باللبنانيين فدخلوا دمشق وأعلنوا حكم السلطان فيها وعين محمد عزت باشا أحمد آغا اليوسف متسلماً عليها. وتتبع اللبنانيون المصريين حتى الكسوة فأدركوا مؤخرة الجيش وأرهقوها وانضم إليهم نحو مئة جندي آخرين فذهبوا بهم إلى مقر الأمير بشير الثالث في طبرية. ونقل الجنرال يوقموس مقره العام من حاصبيا إلى صفد وأمر بتدمير جسر بنات يعقوب<ref>أخبار الأعيان لطنوس الشدياق ص ٦١٣ المذكرات التاريخية المشار إليها آنفاً ص ٢٣٣ و٢٣٤<br/>الجواب على اقتراح الأحباب لمخائيل مشاقة ص ۳۰۸-۳۰۹</ref>. ووصل الجيش المصري إلى المزيريب في الثاني والثالث من كانون الثاني سنة ١٨٤١ ولدى وصوله إليها قسمه السرعسكر إلى فرق ست فأرسل المشاة والخيالة بقيادة أحمد منكلي باشا<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> r17a582bp5jzyw2ssbs7fbbkgxsnfk7 صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/107 104 224981 407477 2022-08-26T21:46:09Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم||الفصل الرابع عشر: الجلاء|٢٢١}}{{سطر}}</noinclude>إلى غزة فالعريش والمدفعية بقيادة سليمان باشا الفرنساوي في طريق الحج إلى معان ومنها إلى العقبة فالسويس وتولى هو جنود الحرس والخيالة غير النظاميين واتجه نحو غزة ليبحر منها إلى مصر. وسارت جميع هذه الفرق إلى شرقي الأردن فلم يتسن ليقموس مناوشتها. فأحمد منكلي باشا قام من المزيريب إلى حسبان فذيبان فالكرك فبوغاز الجزيرة فتل الملح فغزة. وكانت طريقه هذه صعبة قليلة الزاد والماء ففقد من جنوده عدداً كبيراً ولا سيما في مستنقعات بحر الميت واضطر بعضهم إلى أكل لحوم الحيوانات الميتة وأعشاب البرية، وأخيراً وصلوا إلى غرة في الحادي والعشرين والخامس والعشرين والسادس والعشرين من كانون الثاني<ref>تاريخ حوادث سورية منذ السنة ١٨٤٠ حتى ۱۸۹۲ لاشيل لوران ج ۱ ص ۲۲۸-۲۳۳ راجع أيضاً نابير الحرب في سورية ج ٢ ص ١٦٣</ref>. أما سليمان باشا فإنه كان أسعد حظاً ذلك أنه لم يصادف أية عقبة من هذا النوع فبلغ معان وفير المؤونة وكان أهلها لا يزالون على ولائهم للحكومة المصرية فاستراح فيها خمسة أيام وقام منها إلى العقبة ولكنه لم يحسن تقدير ما يحتاج إليه من الماء والزاد في هذه المرحلة ففقـد ألفاً وخمس مئة جندي من مجموع تسعة آلاف وأوصل إلى القاهرة مئة وخمسين مدفعاً من مئتين على وجه التقريب<ref>حوادث سورية لاشيل لوران ج ۱ ص ۲۳۳-٢٤١</ref>. وقام إبراهيم باشا من المزيريب إلى السلط فضرب العربان الممتنعين في قلعتها وكانت البلدة خالية من الغذاء فخرج منها في اليوم التالي واتجه نحو أريحا مهدداً القدس لأنه كان قد علم أن يوقموس عول على مهاجمة غزة وعلى البطش بحاميتها المصرية والاستيلاء على شونها ومستودعاتها. فلما اجتاز إبراهيم الأردن إلى ضفته الغربية عند أريحا توهم يوقموس أنه زاحف على القدس فارتد من غزة نحو تلك للدفاع عنها. وعاد إبراهيم إلى شرقي الأردن متجهاً نحو الجنوب فلما بلغ الكرك مكث فيها أربعة أيام حاول في أثنائها أن يجد ما يعوزه من الزاد فلم يفلح لشدة عداء أهلها. وعندئذ قام منها إلى الطفيلة فوجد ماءً كثيراً ولكنه لم يغنم بالقوت المطلوب وهكذا فإن وطأة الجوع أخذت تشتد يوماً فيوماً وقام عربان المنطقة بمناوشته وما فتئوا حتى وصل إلى غزة في الحادي والثلاثين من كانون الثاني من السنة ١٨٤١<ref>المؤلف نفسه ج ۱ ص ٢٤١-٢٤٨</ref>. وكتب بشير الثالث إلى رجاله في ضواحي دمشق أن يوافوه إلى مرجعيون ففعلوا وقاموا جميعاً إلى بلاد بشارة إلى قرية ميس ومنها إلى صفد ثم إلى يافة. وفي أثناء ذلك كان العزيز سمح للشيخ نعمان جنبلاط والشيخ عبد السلام والشيخ خطار العماديين والشيخ نصيف<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> sgaux80v3j6q4v0z42yw8ptib5xv84z صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/108 104 224982 407478 2022-08-26T22:18:32Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم|٢٢٢|بشير بين السلطان والعزيز|}}{{سطر}}</noinclude>النكدي وولده الشيخ عباس أن يعودوا إلى لبنان كما سبق فأوضحنا. فقاموا من مصر براً إلى يافة. فلما بلغ رجال النكدية قدومهم نهض بعضهم من معسكر بشير الثالث لملاقاتهم وحضروا معهم إلى باب المدينة يسلون للسرعسكر العثماني فاستقبلهم هذا بالبشاشة وأمنهم ثم أمرهم أن يتوجهوا إلى معسكر الأمير اللبناني. وفي أول الليل ساروا من المدينة نحو المعسكر اللبناني. ولما أقبلوا عليه التقاهم ذووهم بإطلاق البارود فاضطرب السرعسكر العثماني وظن جنوده أن إبراهيم باشا قد داهمهم، فانهزم بعضهم نحو المدينة وغرق منهم أربعة فرسان في نهر العوجا. واضطرب الوزير العثماني مما كان ونهض إلى خيمة الأمير اللبناني ليعلم الخبر فأخبره الأمير بما كان ورجع الوزير إلى يافه. وفي الصباح حضر الشيوخ إلى خيمة الأمير يسلمون عليه فازدرى بهم وبألقابهم وشاراتهم وأسمعهم كلاماً أخفض مقامهم فشق ذلك عليهم لأنهم لم يذنبوا ضده. وخرجوا نافرين وتوجهوا إلى عكة مغتاظين ثم عادوا إلى الأمير وأكمنوا الغيظ إلى حين<ref>أخبار الأعيان لطنوس الشدياق ص ٦١٣-٦١٤</ref>. ويستدل من بعض الأوراق الباقية بين محفوظات السراي الملكية المصرية أن كبار رجال الجيش المصري في غزة فاوضوا قيادة الحلفاء في كيفية ترحيل جنودهم من غرة قبل وصول إبراهيم باشا إليها. فهنالك تعهـد من إمضاء ضابطين إنكليزيين هورتن ستيوارت ورالف ألدرسن مؤرخ في ٢٨ كانون الثاني سنة ١٨٤١ إلى أحمد منكلي باشا يقضي بتقديم المعونة لتسهيل أعمال الجلاء وبعدم تعيين حاكم على غزة أو الدخول إليها قبل خروج المصريين منها<ref>المحفوظات ج ٤ ص ٤٩٥</ref>. ورأى إبراهيم باشا بعد وصوله إلى غزة في الحادي والثلاثين من كانون الثاني أنه لا بد له من البقاء فيها إلى أن يتم الجلاء وذلك لأسباب أهمها حالته الصحية وكان يشكو من اليرقان وتأمين الجلاء وإصلاح سوء الحال الذي أوجده بعض الضباط المصريين في علاقتهم مع الإنكليز. ولكن العزيز أرسل إليه سفينة الحجاج لنقله إلى مصر وأوعز إليه أن يأمر الباشاوات الذين بمعيته بترحيل الجيش من غزة إلى مصر<ref>المحفوظات نفسها ج ٤ ص ٤٩٦</ref>. '''الفرمان السلطاني:''' وأشارت الدول على الباب العالي كما سبق وقلنا بوجوب إلغاء الفرمان الذي أعلن عزل العزيز من منصبه في مصر واستبداله بغيره يبقيه في منصبه له ولأولاده من بعده. فأصدر الباب العالي فرماناً سلطانياً في الثالث عشر من<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> ibvcyxe9pda6g5dtw13wtyp8634qmmi صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/109 104 224983 407479 2022-08-26T22:40:19Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم||الفصل الرابع عشر: الجلاء|٢٢٣}}{{سطر}}</noinclude>شهر شباط سنة ١٨٤١ يتضمن ثلاثة عشر بنداً قضى أولها بأن يختار السلطان من يشاء من أولاد محمد علي الذكور أو أولاد أولادهم الذكور إذا خلا مركز الحكم وبأن يختار الباب العالي من يشاء للولاية إذا انقرض نسل الذكور دون أن يكون لأولاد الإناث حق في الحكم، ونص البند الثاني بوجوب ذهاب الخلف في الحكم إلى الآستانة ليتلقى فرمان التقليد. وجاء في الثالث أنه على الرغم من حق ولاة مصر الوراثي فإن مرتبتهم تبقى مماثلة لمرتبة غيرهم من وزراء الدولة إن في المخاطبات أو في المقابلات السلطانية. وقضى البنــد الرابع بتقيد مصر بالمعاهدات التي أبرمها ويبرمها الباب العالي وبخط گولخانه وبقوانين الدولة الأساسية. ونص الخامس بأن تحبى الضرائب في مصر باسم السلطان وأن يتبع في ذلـك النظم نفسها المعمول بها في الدولة. وحدد السادس حصة الباب العالي من الضرائب فجعلها إيرادات الحكومة المصرية وخصص الثلاثة الأرباع الأخرى لنفقات الجباية والإدارة العسكرية والمدنية وحاجات الحكومة والغلال التي ترسل سنوياً إلى مكة والمدينة، وفرض البند السابع تنظيم لجنة لمراقبة هذا الدخل تؤلف طبقاً لأوضاع يقررها السلطان. وحتم الثامن بأن تكون السكة في مصر باسم السلطان وألا تختلف النقود الذهبية والفضية التي تضرب في مصر عن نقدي الآستانة في القيمة والنوع والعيار. ثم حدد البند التاسع عدد الجيش المصري فجعله ثمانية عشر ألفأ في زمن السلم وترك للباب العالي الحق في رفعه إلى أكثر في زمن الحرب. وقضى أن يتبع نظام التجنيد التركي الذي كان يقضي بجعل الخدمة العسكرية خمس سنوات. ونص البند العاشر بألا تختلف شارات الجنود والضباط وملابسهم وأعلامهم وأوسمتهم عن مثيلاتها في الجيش التركي. وكذلك ملابس البحارة والجنود والضباط في الأسطول وأعلام السفن. وأعطى البند الحادي عشر لوالي مصر حق منح الرتب العسكرية لغاية رتبة صاغ قول آغاسي أما الرتب العليا فيرسم بها من السلطان، ومنع البند الثاني عشر بناء السفن الحربية في مصر بدون إذن صريح بذلك من الباب العالي. ونص البند الأخير بأنه لما كان امتياز الحكم الوراثي لمحمد علي وأسرته مقروناً بالشروط السابقة فالإخلال بأي منها يؤدي إلى سقوط حقهم بها جميعاً. وأصدر السلطان في الوقت نفسه فرماناً آخر أسند به أقاليم السودان إلى محمد علي<ref>الكتاب الأزرق ج ٣ ص ٣٤٧ و۲٥۰-۲٥۱</ref>. وأوفد الباب العالي سعيد محب أفندي إلى مصر ليحمل الفرمانين إلى العزيز. ففعل ولكن العزيز لم يسمح بقراءة الفرمان الأكبر علناً لأن الشروط التي تضمنها بوراثة المنصب الخديوي كان لا يمكن قبولها<ref>محمد علي باشا إلى إبراهيم باشا: المحفوظات الملكية المصرية ج ٤ ص ٤٩٧</ref>. ومما قاله في هذا الكومودور نابير أن البند الأول<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> e9d1cx1ieyokaw3cd8ztyt3xz7s2j3f صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/110 104 224984 407480 2022-08-26T22:55:33Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم|٢٢٤|بشير بين السلطان والعزيز|}}{{سطر}}</noinclude>الذي أفسح المجال لجميع أولاده وأحفاده في الحكم سيؤدي حتماً إلى حرب طاحنة بينهم عند وفاته وأضاف إن حصر صلاحيته في ترقية الضباط إلى الدرجة المبينة في البند الحادي عشر سينقص من هيبـة الحكم ويفسد الجيش. واحتج العزيز أيضاً على البند السادس والبند الرابع أيضاً وطلب تعديلها<ref>الكتاب الأزرق ج ٣ ص ٣٤١-٣٤٤</ref>. ووصل خبر هذا الاحتجاج إلى الآستانة في أواسط آذار فهب رشيد باشا يغني أغنيته القديمة من أن هذه اللهجة ليست لهجة تابع وأنها تنقص من سيادة الدولة فيها لو أصغي إليها واتصل بسفراء الدول طالباً رأيهم فوافقه بونسونبي كل الموافقة ولكن شتورمن النمساوي وغوينكر مارك البروسياني وتيتوف الروسي امتنعوا عن التعليق واكتفوا بالقول أنهم أرسلوا يستطلعون رأي حكوماتهم في ذلك<ref>الكتاب الأزرق ج ۳ ص ۳۷۱-۳۷٥</ref>. وفي الثالث عشر من آذار كتب سفراء الدول في لندن مشتركين مع الفيكونت بالمرستون يلفتون نظر شكيب أفندي السفير العثماني إلى ما سبق لهم أن وقعوا في الحادي والثلاثين من كانون الثاني مبينين وجوب إعادة النظر في فرمان الثالث عشر من شهر شباط. وكتب بالمرستون إلى بونسونبي بوجوب جعل الحكم في مصر في يد أكبر أولاد الحاكم ووجوب امتناع الآستانة عن التدخل إلا في حالتي القصور والعجز الصحي، ووافق نسلرود زميله البريطاني كل الموافقة. أما مترنيخ فإنه ذهب إلى أبعد من هذا فهدد بانسحاب حكومته من تحالف لندن إذا امتنع الباب العالي عن تعديل الفرمان موضوع البحث تعديلاً يتفق ومحادثات لندن. واتخذ البارون فرتير البروسياني موقفاً مماثلاً لموقف زميله النمساوي<ref>الكتاب الأزرق ج ٣ ص ٤٦٤-٣٦٥ و۳۷۸-۳۸۱</ref>. وما أن وصل هذا كله إلى الآستانة حتى استقال كل من مصطفى رشيد باشا وأحمد فتحي باشا أشد الوزراء موقفاً من العزيز ومشكلته. وفي العشرين من نيسان أعلن الباب العالي استعداده لتعديل بنود الفرمان موضوع البحث وقبوله بمبدأ تولي الأكبر سناً فالأكبر وبوجوب السماح للعزيز وخلفائه من بعده بتعيين جميع ضباط الجيش دون قائد فرقة وبتحديد مبلغ معين للمال المطلوب من مصر<ref>الكتاب الأزرق ج۳ ص ٤١٩-٤٢٠</ref>. وفي أول حزيران من السنة ١٨٤١ أصدر الباب العالي فرماناً جامعاً حوى أحكام فرمان الثالث عشر من شهر شباط والتعديلات المتقدمة. وأصدر فرماناً آخر جعل المال المطلوب من مصر ثمانين ألف كيس كل سنة.<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> hn8cjd1cyfxpctc8bow5umorga65gpo